مدرسة ثنائية اللغة، ٣٠.١١.٢٠١٤
عنوان فرعي : عبّر الأهل غداة الحريق المتعمد في المدرسة ثنائية اللغة في القدس، عن مشاعر خوف حقيقية، إلى جانب مشاعر التفاؤل جراء الدعم من جميع الجهات الذي يحصلون عليه
نيف كحليلي
أقيمت بالأمس مساءً، عشية الحريق المتعمد في المدرسة ثنائية اللغة، مظاهرة قبالة بيت رئيس الحكومة في القدس وذلك ضد قانون القومية. بعض نشطاء اليسار اللذين تلقوا أثناء المظاهرة خبر الحريق في المدرسة، سارعوا إلى مكان الحادث ووصلوا هناك بعد أن استطاع رجال الإطفاء السيطرة على الحريق. "كان الأمر كئيبا للغاية"، يقول أحدهم، " لقد كانت الظلمة تامة، لأنهم فصلوا الكهرباء بمجمله، وكل من وصل لهناك وقف أمام غرفة الصف المحروقة عاجزا". اللحظة الحزينة بحق، يقول الناشط، كانت عندما جاءت معلمات المدرسة. حيث وقفت إحداهن مصدومة، بعيون دامعة وقالت، " صف أول-2 حُرق تماما".
في الثامنة صباحا، وتحديدا في الجانب الخلفي من المدرسة، والذي يطل على متنزه السكة وبيوت بيت صفافا، يتجول أفراد التشخيص الجنائي ويبحثون عن أدلة. في الواجهة، في مدخل المدرسة يتجمع مئات الأشخاص. أهالي، صحفيون وأشخاص كثيرون جاؤوا للتعبير عن تضامنهم، في إطار المجموعة الاحتجاجية التي نظمت صفوفها سريعا في الليلة السابقة، بعد ورود خبر الحريق.
الأهل الذين يتعلم أولادهم في المكان، يشقون طريقهم بسرعة بين الصحفيين الذين يسدون المدخل ويتسللون داخلا.
طلبت إدارة المدرسة منهم عدم التحدث لوسائل الإعلام، التي بقيت خارج ارض المدرسة. فقط قبل أسبوعين استُهدفوا من قبل تقرير سطحي ومنحاز تم بثه في القنال 1 حيث أظهر التلاميذ وكأنهم "داعمون للإرهاب".
تفسر إحدى الأمهات التي تتعلم ابنتها في الثانوية بهدوء أن " هنالك شعور بتدهور الأمور منذ أشهر. نحن نعتبر هذه الحادثة مرتبطة عضويا بقانون القومية. فقد حدث ذلك أيضا أثناء التظاهرة ضد القانون". وحول التقرير في قنال 1 تقول"المدرسة هي تحديدا الحيز الذي يجب أن يتيح للأولاد التعبير عن أنفسهم. يجب تمكينهم من البوح بمشاعرهم والتعامل معها، والحديث عن ذلك".
يعقب أب لطفل في الحضانة ثنائية اللغة ويقول " يُظهر ذلك جهل المراسل والمعدين الذين جهزوا هذا التقرير. إن وصف الأولاد الذين يتماهون مع ألام شعبهم بأنهم "داعمو إرهاب" ، يظهر المنظور المشوه الذي يرى من خلاله الأشخاص هنا الواقع.
أما في الوقت الذي يتواصل فيه توافد المزيد والمزيد من الأشخاص، والسياسيين المحليين وأعضاء الكنيست يلقون بكلماتهم، يعقد في مكتبة المدرسة لقاء مشحون. حيث يجلس العشرات من الأهالي ويتحدثون عن مشاعر الخوف والقلق، عن الغضب وعن ضرورة إسماع صوتهم، لإظهار عدم تراجعهم عن حماية الحيز المشترك الذي خلقوه.
وعند انتهاء اللقاء حيث يسرع الأهل بالخروج، للعودة إلى العمل، تظهر وزيرة القضاء تسيبي لفني ويتم اصطحابها بجولة في المدرسة. بعض الأهالي الفلسطينيون يقفون في الخارج ويتحدثون فيما بينهم عن خوفهم بعد الجرافيتي، وكون الحريق هو مجرد مرحلة أخرى في الطريق لاستهداف أولادهم فعليا.
مشاعرهم صعبة جدا، فهم يشعرون أن أطفالهم معرضون طيلة الوقت للخطر، " عليهم طوال الوقت توخي الحذر في الحيز العام، لقد تحولت الحياة في أحيائنا لجحيم حقيقي منذ خطف الفتيان الثلاثة وقتل أبو خضير. نحن لا ندعهم يذهبون لمركز المدينة في المساء، وحاليا المدرسة التي كان يفترض أن تكون مكانا آمنا، أصبحت خطرة".
لكن ومع ذلك هنالك مشاعر أخرى أيضا، أكثر تفاؤلا، حيث يصل منذ الصباح عشرات المعلمين، المديرين، الأهل والطلاب من مدارس بالقدس ، إضافة لأهالي طلاب من مدارس دينية، علمانية، تأهيل المعلمين ولجان أولياء الأمور، جميعهم بهدف التعبير عن دعمهم وتعاطفهم.
بعد مغادرة جميع طواقم الصحفيين والضيوف، يواصل أهالي طلاب سابقين الجلوس في غرفة المعلمين، يعانقون الطاقم، يشربون القهوة سوية. بعضهم لم يكونوا هنا منذ سنوات، ولا زال الطاقم يتذكر أسماء كل واحد من الأولاد ويشكرهم على حضورهم من أجل الدعم.
"أترى" ، يقول أحد الأهالي ممن لم يزر المدرسة منذ أن أنهيت ابنته المدرسة الابتدائية، " تلك هي أهمية العائلة. حتى لو لم أكن هنا لسنوات، تجمعنا قرابة لا يمكن وصفها بالكلمات. هذا الحريق وضح لي كم هو مهم الحفاظ على العائلة التي خلقت هنا، لذلك لم آت فقط للتعبير عن الدعم، لقد فهمت أنني لا يمكنني الجلوس جانبا أكثر من ذلك.
اعتقد أن هذا الأمر الأهم حاليا ولا يهم إذا كان اولادك في المدرسة أم لا، حان الوقت للانضمام لهذه الجماعة والمشاركة فيها. سواء بالنشاطات أو المساعدة. لا نملك خيارا آخر".
*
بشراكة مع "كلنا"، مبادرة من أجل مجتمع عادل وتعددي