جوناثان هالو، المصاب في داء الصرع (أبيلبسيا)، قتل الرجل الذي اغتصبه وسبب له معاناة نفسية. لولا معرفته بالمحامي إيلون أيزنبرغ كان يقبع مدى الحياة في السجن. رفضت المحكمة المحلية قبول الادعاء أن الضحية دافعت عن نفسها وقد فرضت عليه عشرون عاما في السجن، ولكن في غضون أسبوعين سيكون هناك لجنة استئناف في المحكمة العليا الى جانب دعما جماهيري لهالو."لا يمكن أن ندع المحكمة ترك هذا الشخص في السجن"، يعتقد الشخص الذي يمثل هالو مجانا.
لولا اللقاء الذي حدث صدفة بين المحامي إيلون أيزنبرغ (الذي يبلغ الأربعة والثلاثون عاما) وجوناثان هالو- هالو كان ممكن أن ينضم الى قائمة الاحصائيات المألوفة حسبها فلان اخر من فئة مستضعفة يقضي بقية حياته في السجن. هالو، وهو اثيوبي دون سجل جنائي من حي كريات نورداو في نتانيا، قتل في مايو 2010 عندما كان في الثلاثة والعشرون من عمره ، يارون ايلين، مجرم مدان يبلغ الاربعة والعشرون، بعد أن تقلص هالو ماليا، هدده بالقتل واغتصبه مرارا وتكرارا. بعد ثلاث ساعات سلم هالو نفسه إلى الشرطة واعترف وزعم أنه تصرف دفاعا عن النفس.
كان من الواضح من اللحظة الأولى انه يفشل في محاولة اقناع الاطراف المختلفة في المحكمة. كما هو الحال في مسلسلات الدراما المدهشة، انه من الصعب أن نبقى غير مبالين حين يسرد أيزنبرغ قصة رحلته القانونية طويلة المصاعب والتي يديرها بشكل تطوعي من أجل هالو، رحلة التي ضمت اليها عدد كبير من المتطوعين وأصبحت نضال جماهيري واسع النطاق. كان أيزنبرغ أول شخص استمع الى معاناة هالو طويلة المدى ، اجرى تحقيق عميق، اقتنع في براءة هالو، وخرج الى النضال الدؤوب والميؤوس منه، لإيقاف "مطاحن" العدالة التي طحنت هالو حتى أصبح كالغبار.
تجميع أجزاء القصة
تعرضأيزنبرغ لهالو عندما أحد زبائنه اقترح عليه الاستماع إلى قصة مأساوية لصديقه في السجن: "جوناثان اعتقل لمدة أكثر من سنة وحاول الانتحار عدة مرات. مرة ابتلع الشامبو ومرة أخرى استخدم بنطالونه كحبل مشنقة، ومحاولاته دائما بائت بالفشل عند الثانية الأخيرة"، يقول أيزنبرغ. "كان له حينذاك محامي عام الذي مثله لمدة عام ونصف، ولكن لا أحد يصدق أنه كان ضحية. حظه الوحيد كان نوبات الصرع (أبيلبسيا) التي كانت تصيبه قبل أي مناقشة في المحكمة بسبب الضغط النفسي مما أدى الى تأجيل المحكمة مرة تلو الأخرى وإلا لكانت قد انتهت قصته منذ فترة طويلة في قرار المحكمة بسجن هالو مدى الحياة. في حال لا يصدقونك بانك ضحية – العقوبة على جريمة قتل هو السجن لمدة حوالي ثلاثون عاما دون اتخاذ وجهة نظر المحكمة على الإطلاق".
كيف كان اول لقاء لكم؟
جلست معه وقال لي انه متهم بارتكاب جريمة قتل، لكنه قال: "أنا قتلت الرجل الذي استغلني جنسيا". توصل الى مرحلة قرر فيها الاستسلام حيث لم تكن له طريقة لإثبات ما حصل. كيف بيده أن يثبت كيف يارون ايلين قام بتعريته قسرا. وكيف ابتزه على مدار سنوات ووجه له ألقاب مهينة مثل "دوكات" الذي يعني "حامل كيس الطحين على ظهره"بسبب هيئة ظهره المنحني. كيف ضحك على هالو الجميع في الحي بسبب ذلك. كيف التقى بيارون في المجمع التجاري وبوّل في بنطلونه من الخوف عندما لمحه. كيف يارون قام بتهديده من دون سكين أو حتى مسدس وأخذه الى حديقة "بيضة"، حديقة ألعاب تبعد عشر دقائق سيرا على الأقدام ومن ثم أدخله الى احدى الألعاب على شكل قفص، أغلقه عليه، ادار ظهره اليه، قام بتعريته بقوة واغتصبه ثم هدده "سوف أقتلك إن قلت لأحد عما جرى هنا".
"ووصف كيف كان مرتاح لمدة عاما من مرض الصرع حتى أول لقاء له مع يارون الذي سبب الى اندلاع المرض مرة أخرى. وكيف تضاعفت نوبات الصرع المفاجئة قلقا من احتمال قتله على يد يارون ووصف أيضا كيف قضى أيام عديدة في المنزل حتى رآه يارون مرة أخرى في المجمع التجاري وهدده مرة أخرى وأخذه الى نفس المكان وقد علم هالو أنه سيمر بنفس التجربة مرة أخرى. كيف مشى من خلفه كالحيوان الجريح، منقاد حيث يارون حكمه بشكل تام وقام باغتصابه مرة أخرى. كيف كان مرتعبا عند لقائهم الاخير عندما ذهب لشراء المشروبات في عيد الحريق (ל"ג בעומר) حين رأى يارون فجأة وكيف سبّب له ذلك الانهيار. كيف على مدى سنوات يارون كان يفرض عليه الغرامة المالية. لكن مع مرور الوقت تدهورت الحالة، بدئافي الغرامات والتهديدات وأعمال الاغتصاب. في ذلك المساءقاميارون في تغريمه بألف شيكل، ثم اقتادوه إلى موقف للسيارات خلف مركز التسوق. جوناثان يعلم بالفعل ما يحدث عندما يارون يهدده ويأخذه إلى مكان مظلم ومعزول، ينطق بتصريحات جنسية ويخرج عضوه. عندما استدار إلى التبول جوناثان عرف أن الاغتصاب الثالث على الطريق".
من ضمن مواد التحقيق لدى الشرطة وجد أيزنبرغ الأوصاف التالية من جوناثان، تأكد ما قيل له:
(ت/4)".. أخذني الى "البيضة" (حديقة العاب في نتانيا)، تعرى منسرواله وقام بفعل ما قام بفعله وقلت له أنني لا أريد ولكنه هددني … وكنت أذل من ذلك، كنت مكتئبا وعندما انتهى … ذهب…تركنيهناك، وذهب ثم بدأ الأصدقاء يسألوني ما هو سبب ارتباكي… عندما كنت أذهب الى المنزل للنوم كنت أفكر في ذلك كثيرا حتى أغمي علي….. "(ج1، ش4 -8)
"كان يقول لي (في اشارة الى المتوفي – أ.أ) أشياء مختلفة: " ان كنت تريد مني أن أقتل سأفعل ذلك"… أخذني بالقوة، لقد صدمت حين كنت أراه، وأنا أتلعثم … كنت مريض حقا… أخذني الى ذاك المكان حيث لا يوجد فيه أحد، فيه مقاعد فقط … أقلع سروالي بقوة … حتى أن انتهى من فعله ومن ثم كان يذهب وكنت اشمئز ويغمي علي وهذا هو السبب في كل مرض الصرع… كانوا يقولون لي انه بداخلي خلل ما .. "(ج10- 11، ش4-30)؛
"بداخلي خلل حتى الان، نعم من كثرة الأفكار ولا أحد يعلم عن ذلك،لا العائلة ولا الأصدقاء، قيل لي انه يبدو أن بداخلي خلل ما ولم استطع أن أكون مع فتاة على الإطلاق".
ما هو الشيء الذي جعل أيزنبرغ أن يصدقه؟ "وقال لي:" خذ الملف من مكتب المحامي العام وقل لي ما هو رأيك" درست القضية بضعة أيام وكان واضحا لي أنه كان يقول الحقيقة. قبل كل شيء جمعت اجزاء القصة. أولا، ادعى جوناثان أن المتوفى ابتزه من خلال تحقيقات. بحثت واكتشفت أحكام – لائحتي اتهام بأن المتوفى أدين على الابتزاز في قضايا أخرى، وأفرج عنه قبل ستة أشهر من عامين في السجن بتهمة الابتزاز والتهديدات. ثم رأيت أن لموضوع الابتزاز علاقة في قضية هالو.
"ثانيا، قال جوناثان أيضاأن يارونقام بالاعتداء عليه جنسيا. بحثت ووجدت أن يارون ادين قبل عشر سنوات بتهمة اغتصاب قاصر كان عمرها اثني عشر. تهمة صعبة تصف الاغتصاب بالقوة. ثم أدركت أن لدى يارون اضطراب جنسي. ثالثا، التشريح ما بعد الموت أشار إلى أن جوناثان أصاب رأس المتوفى.
ولم يلاحظوا أنه شوه أعضائه التناسلية. عندما اكتشفت ذلك في سجل التشريح ادركت انا هناك جريمة على خلفية جنسية. والمدهش انه لم يذكر تشويه العضو التناسلي من خلال تحقيقات الشرطة.
"وما ذكرته اعلاه عزز بالنسبة لي الاعتقاد أن فعله جاء نتيجة دخوله في حالة هيستيريا لرجل قاموا بالاعتداء عليه، لا من نية للقتل، نابعا عن غضبه وانفعالاته. مثل البالون الذي تم نفخه مرارا وتكرارا وفي الأخير انفجرت الفقاعة وأدت الى ردة فعل انسان غير عادي انما ضحية. عدا عن ذلك وفي وقت لاحق ادعى انه مر من خلاله باستغلال جنسي، قالت شقيقته للشرطة انه عان في هذه الفترة من الكثير من نوبات الصرع وكان يقف ثم يقع، يقف ثم يقع. وكان مضغوط للغاية حتى عند ذهابه إلى الطبيب وهذه كانت اشارة حمراء بالنسبة لي واعتقدت ان لديه شعور بالصدمة ازاء التجربة التي مر بها.
". وبصرف النظر عن كل هذا، طلب جوناثان من الشرطة عشر مرات أن يمر في فحص "بوليجراف" (جهاز لكشف الكذب) ولم يسمح له بذلك على الرغم من أنه بعد توجيه الاتهام يصبح جهاز كشف الكذب غير مقبولا، قلت له:" مر بفحص جهاز كشف الكذب وان تخطيته في نجاح سأجد طريقة لتقديم الموضوع. وعندما جاءت النتيجة انه يتكلم في صراحة أخذت كل قطع اللغز ووضعتها معا. وكان من الواضح أنه كان ضحية لصدمة. عند هذه النقطة جلست معه وقلت له: 'أنا أصدقك. التقيت شخص لا يمكن ان لا تقع في حبه وقال لي: " لا أحد يصدقني حتى الآن بما في ذلك الشرطة والمحامون . هذه أول مرة يصدق فيها شخص قصته"
المشكلة بالنسبة له كانت أن يعترف بأنه ضحية اغتصاب؟
"نعم، وبالتالي فإن أفراد عائلته لم يفهموا ما يحدث معه، وكان من الصعب أن يستوعبوا الوضع. اصيبوا بالصدمة عندما سمعوا أنه قتل الرجل، وهم يعرفون ابنهم جيدا ولم يفهموا كيف تجرأ بقتل رجل وكيف تورط في هذا الوضع. على مر السنين، لا يشارك هالو أي شخص قصته التي شملت الابتزاز، التهديد والاغتصاب، ويقول محاميه: "انه هادئ وانطوائي لا يريد أن يكون عبء على أي شخص. قد مر هالو بتجربة صعبة. وليس من السهل إقناع المجتمع الأثيوبي المحافظ أن هذا الرجل قد اغتُصب. هالو ضحية كبيرة وهو مسجون الان وليس لديه أي طريقة لإثبات اغتصابه، وعدا عن ذلك – كيف يثبت انه دافع عن نفسه؟ قد استغرق الأمر بعض الوقت حتى فهمت أنها ليست مزحة وانه سيكون في السجن مدى الحياة في حال عدم تقديمه الاثباتات".
توقيع ضحية
كيف قررتأن تتصرف؟
قلت له: "لا أعلم كيف، ولكننا سوف نكشف عن الحقيقة. أولا، جلست مع العائلة وشرحت لهم روايته. وقلت لهم انني أصدقه. عندما أدركوا ان كلامي صحيحا قاموا بدعمه على طول الطريق. كنت أعرف انه كانتهناك مناقشة تخص الإجراء الرئيسي وانه هناك مناقشة اخرى تخص الاعتقالات. ادركت أن الطريقة الوحيدة لإحداث التغيير هي من خلال إجراءات الاعتقال. قررت أنه طالما لم أفرج عنه واعطيه ختم الضحية، انه من الممنوع البدء في محاكمته. يبدو الأمر مختلفا تماما عندما يأتي شخص ما إلى المحاكمة من داخل السجن أو من خارج السجن وعدا عن ذلك، انه من الصعب جدا إدارة المعركة القانونية من داخل السجن".
هل نجحت؟
"لانهم اعتبروه شخص خطير، لم يسمحوا بإطلاق سراحه للاعتقال المنزلي. وقد قدمت طلبا لإعادة النظر في القضية وطلبت من المحكمة العليا بالإفراج عنه للاعتقال المنزلي. أوضحت أن كل من يكمل تحليل اللغز يأتي إلى استنتاج واحد منطقي – جوناثان هو الضحية ولذلك لا يشكل خطرا على الجمهور حيث انه بمثابة انسان ميت. طلبت من المحكمة المحلية الإفراج عنه ولكن القاضي طردتني وضحكت في وجهي، ثم قدمت استئنافا إلى المحكمة العليا وقاموا برفضه ".
ما كانت ردة فعل جوناثان للرفض؟
"في المرة الأولى كان مشبع بالأمل. وبعد رفض الاستئناف في المحكمة العليا- انهار وتكررت نوبات الصرع في كل يوم وجوناثان كان منهار نفسيا. بعد أربعة أشهر قلت له أنني سأقدم طلب آخر لإعادة النظر في القضية. صدف انني "وقعت" على نفس القاضي، وطردتني مرة أخرى من المحكمة المحلية. ثم قدمت طلب لإعادة النظر مرة أخرى، ومرة أخرى طردوني من هناك. بعد ذلك عادت حالة الاكتئاب ونوبات الصرع، ثم مرة أخرى، قدمت طلبا لإعادة النظر مرة أخرى "فوقعت"على نفس القاضي ورفضتني مرة أخرى".
كيف من الممكن التغلب على هذا الوضع؟
"لا أحد لديه الشجاعة الكافية لتقديم استئناف مرة أخرى في المحكمة العليا، بعد الرفض المتكرر في المحكمة المحلية ولكن طوال الوقت ظللت أقول له:" سوف ترى أن في النهاية سننجح".
كيف من الممكن تقديم الاستئنافاتمرارا وتكرارا بعد الرفض المتكرر؟
"لا يمكن. في كل مرة تحججت بسبب مختلف حتى أتمكن من الحديث عن الشيء الرئيسي: جوناثان هو ضحية وليس قاتل".
كيف تقبل هالو هذا الرفض؟
"انتهت المناقشة القانونية، وبعد يوم يتصلون بي ويقولون:" هالو موجود الان في سجن للأمراض النفسية. قد اصيب في داء الصرع (أبيلبسيا) وهو الان في حالة نفسية صعبة للغاية. قد انهار.وكل مناقشة من هذا النوع تيقظ من جديد توقعاته بالإفراج عنه. ذهبت إلى السجن ورأيته في وضع كارثي. لقد صدمت. جاءوا به وأصفاد تكبل يديه وقدميه وكان مكبل بهم طوال الليل وأعطوه الكثير من الأدوية للأمراض النفسية ويبدو كأنه تقريباً قُتل على أيديهم وهيئته الان مثل انسان نصف ميت. منهك تماما". جلس أمامي وقال: "لا أعرف من أنت" ثم بعد أن بدأ حديثنا، شيئا فشيئا، عرف من أنا . على الرغم من ذلك، أذكر أنه قال لي الجملة التالية: "اسمع، أنا أقدر عملك كثيرا. أراك تحارب وأنك مكترث بقضيتي، ولكني أطلب منك شيئا وحيدا أن لا تقدم الاستئناف مرة أخرى."
ماذا كانت اجابتك؟
"لقد صدمت وسألته لماذا، وقال:" لا أعد أستطيع تحمل المزيد من الضغط الذي يأتيني قبل وبعد تقديم الاستئناف. أنا منهار ولا يمكنني تحمل ذلك. "كانت هناك حالة تدهور فظيعة لمرض الصرع، نوبات ذهنية وكانت هناك أوقات في المحاكمة تلقينا فيها خبر أنه في حالة نفسية صعبة قد شفى منها في وقت لاحق من خلال المحاكمة. وقال لي: "أطلب منك التوقف عن تقديم الاستئناف. افعل ما تشاء، ولكنني منذ عامين في هذه القضية ولا أحد يصدقني بما في ذلك الشرطة والمحامون. وقد تمزق من ذلك، وقال لي: "أقسم أنك لا تقدم استئناف".
أقسمت؟
"نعم، قلت أعدك".
ماذا فعلت؟
"خرجت وقدمت استئنافا".
خرقت الوعد؟ كيف تفاعل هالو مع ذلك؟
"قلت لنفسي ان علينا ان ننتصر. من اللازم وجود شخص يستمع اليه ويحافظ عليه حيث أنه لا يعرف ما يحدث له. في السجن ينقلونه من مكان الى اخر دون استئذانه. لم يعرف عن نقله حتى قبل يوم واحد. يقولون له: "أخرج معنا الان، هناك مناقشة". ثم كانت تعين مناقشة مع القاضي إدنا أربيل في المحكمة العليا. وصلنا المناقشة أنا وشقيقة جوناثان. ثم يأخذونه من أدراج المعتقلين الى المنصة ".
ما كنت ردة فعله للاستئناف الاخر؟
"دخل القاعة مع ابتسامة كبيرة على وجهه. سعيد. غير قادرعلى مسح ابتسامته. جاء الى هناك مع حاجبين قام بحلقهما. وهنا أدركت انه تم "تفجير" الرجل في أدوية الأمراض النفسية وانه منهار تماما. لم يستطع أن يتذكر أنه بنفسه قام بحلق حواجبه. لا يفهم ما يجري في القاعة. دخلت القاضي إدنا أربيل القاعة حيث كان رافع القضية، أنا، جوناثان وأخته، ثم بدأت المناقشة القضائية الأكثر إثارة للاهتمام في البلاد، وقد كان هناك خمسة أشخاص فقط".
كيف تمت المناقشة؟
"طلبت من القاضي أربيل ان تسمح لي أن أوضع معا أجزاء القصة من البداية إلى النهاية. بدأت بالحديث وهي تجلس هناك وتستمع لي بحدة وحساسية، وفي مرحلة ما قلت لها،" انظري الى وضعيتنا. نحن في قضية قتل والرجل يجلس هنا يبتسم ويجب إقناعي واقناعك أن رجل أثيوبي من نفس مجتمعه اغتصبه ثم يجب اقناع الجميع انه كان يدافع عن جسده وبالنسبة له يشكلهذاعقاب أكثر قسوة عليه من السجن مدى الحياة. ثم جاءت القاضي إدنا أربيل بقرار الذي غير مجرى هذه القضية. وقالت أنه في ضوء جميع الأدلة المقدمة أمامها، جوناثان هو ضحية الاغتصاب، مر في حالتين من الاستغلال الجنسي لذلك انه لا يشكل خطرا على المجتمع. أمرت أربيل بالإفراج عنه الى الاعتقال المنزلي وهذا أيضا أمر صعب ولكن الشيء المهم هو أنها غيرت مجرى القضية تماما "
بيت "حاباد"
هل يدرك في هذه المرحلة ما الذي يحدث؟
"لقد استغرق الأمر مدة أسبوع أو أسبوعين وهو في سجن الامراض النفسية- لا يدرك ما يحدث، في البداية اعتقد ان ما يحدث غير واقعي. وقال انه لا يصدق. واثقا من انه سيعاقب ويتم سجنه مدى الحياة. الى ان تعافى ومن ثم كان مليء بالحيوية ولكن بعد ذلك أتت اليهضابطة المراقبة لكتابة تقرير وما هو الشيء الذي قامت بكتابته بعد كل هذه السنوات التي كنت أحارب فيها؟ ان هالو خطير، وأنها لا توصي بالإفراج عنها، وأنها أجرت مقابلات مع جميع أفراد أسرته لمعرفة من الذي يمكن أن يحافظ عليه تحت الاعتقال المنزلي، وأنها رفضت كل منهم. لم تجد أي بديل للاعتقال على الرغم من أنني جلبت لها الكثير من الناس من المجتمع الاثيوبي. وهكذا رمت بعملي الى الجحيم – حيث أنها رفضت كل المجتمع الأثيوبي"
كانت هناك عنصرية، في رأيك؟
"لا أعرف، ولكن أي شخص جلبته من المجتمع الأثيوبي كبديل للاعتقال قامت برفضه، وفهمت في مرحلة ما أنها سلبية. لقد قمت بإجراء مكالمات هاتفية الى ما لا نهاية، حتى تواصلت مع احد كبار"حاباد" (חב"ד)-مدير حاباد فيرمات أبيب. وقالوا لي انه ممكن ان يقدم مساعدة. كنت أبحث عن شخص ما ليقول – انا سأتابع هالو في صف ديني مغلق، وذلك لتوفير الأمن أنه في مكان مغلق. اتصلت به وقلت له أن جوناثان هو ضحية، وانه يجب علي اطلاق سراحه وطلبت منه القيام بفعل خير. قال لي انه يثق بي.
"وفي اليوم التالي ذهب إلى نتانيا، ذهب إلى السجن للقاء جوناثان وقد وقع في حبه ، وقال له :"إذا تم سراحك سآخذك معي إلى جميع المناقشات. قدمت طلب للمحكمة المحلية للإفراج عن جوناثان لهذا الشخص، ورفضوا ذلك. ذهبت إلى قاضي المحكمة العليا حنان ميلتسير، واتخذ قرارا شجاعا جدا ان يتم تحرير الرجل على الرغم من موقف دائرة المراقبة. وهذه خطوة مهمة- اطلاق سراح مشتبه به على الرغم من موقف دائرة المراقبة. وهو قاضي شجاع جدا. حتى القاضي أربيل تطلعت إلى المستقبل وكتبت في قرارها انه في حال تقبلوا روايته بأنه ضحية سوف ينتهي الأمر بعقوبة خفيفة جدا أو التبرئة. وبعد عامين في السجن تم الافراج عن جوناثان وجاء إلى بيت حاباد وعاد الى الحياة. لمدة سنة كاملة استضافوه مجانا. ثم، بعد كل إجراءات الاعتقال، بدأت المحاكمة في المحكمة المحلية ".
كيف عاد إلى السجن؟
"عندما تلقيت القضية في البداية ذهبت للجلوس مع مكتب المدعي العام وقلت لهم أن المحكمةيجب أنتقوم بالمحاكمة وأيضا العدالة وسألت:"؟ اذا تقبلتم كونه ضحية هل تعتقدوا حقا انه يجب ان يذهب الى السجن؟ " وقالوا انهم ليسوا مستعدين على الإطلاق التقبل انه ضحية. ولكن عند بدأ هذا الإجراء، تقبلوا في الاخير انه ضحية. وهذه هي العقبة الأولى والأكثر أهمية لدينا.
من البداية قلتله: "علينا أن نثبت للمحكمة المحلية أنك ضحية، ومن ثم الافراج عنك في المحكمة العليا". هناك حاجة الى قليل من الحظ كي "تقع" في أيدي قاضي لديه الشجاعة لفهم انه من وجهة نظرك تصرفك كان دفاعا عن النفس.
"وجدت المحكمة الجزئية أنه كان ضحية بعدما فهمت القاضي أربيل ذلك. وعندما صرحت عن ذلك شعرت أنها ليس قاضيا انما "لبؤة". قبل اتخاذ القرار استمعت اربيل الي باهتمام لمدة ساعة بحساسية وبدقة. كان حقا مشهد نادر. أتمنى لو كان لدينا المزيد من القضاة مثلها. على الرغم من ذلك، المحكمة المحلية التي تقبلت كونه ضحية، قررت سجنه لمدة عشرون عاما وقاموا بإرجاعه إلى السجن بعد سنة في الخارج".
كيف تقبل الحكم والعودة إلى السجن؟
"كان مصدوم حيث جاء الى المناقشة من الخارج، في ملابس مدنية، وفجأة تتم اعادته الى السجن. ذهبت إليه وقلت له: "لا تنسى من أين بدأنا. تجاهل أنه تم القرار بسجنك لمدة عشرون عاما كما لو أنه لم يحدث ذلك. لا تهتم. لقد انتصرت، لأنك تعتبر الان في المحكمة العليا ليس قاتلا انما ضحية، وهناك سوف نثبت أن ما قمت به كان من أجل حماية حياتك. "
سابقة قانونية- شاي درومي
الفجوة بين تقبل المحكمة أنه ضحية للاغتصاب، وبين القرار القضائي بسجنه لمدة عشرون عاما أيقظت اهتمام الجمهور والرأي العام. هناك العديد من الأوقات تتضارب فيها المحكمة مع الأخلاقيات، وفي هذه الحالة- المحكمة تجاهلت تماما ظروف القضية وكانت غير مبالية في القضية.
في غضون نحو أسبوعين في 1 ديسمبر، سيقدم الاستئناف الاخير لجوناثان هالو في المحكمة العليا. المحامي إيلون أيزنبرغ يستند في استئنافه على عدة أسباب ويزعم أولا أن جوناثان لم يكن يبحث عن يارون في ليلة وقوع الحادث ولم يحاول الانتقام منه، انما فوجئ، وردة فعله كانت عفوية حيث ان اعمال الاغتصاب المتكررة علمت جوناثان ماذا يمكن أن يحدث له في هذا الوضع، لذلك لا يمكن أن نتوقع منه أن لا يمنع حدوث الاغتصاب- دفاعا عن نفسه. للذين يدعون أنه كان بإمكانه الهرب، أجاب أيزنبرغ: "ربما. لكنه لم يهرب. كما لم يهرب من الابتزازات واعمال الاغتصاب السابقة. لماذا لم يهرب؟ لأن هذه هي هيئة شخصيته. هذه هي ردة فعل انسان- ضحية الذي يقوم بالتبول من الخوف عند رؤية المعتدي عليه ".
في تفسيره الثاني يقارن أيزنبرغ قصة جوناثان بقصة شاي درومي الذي قام بإطلاق النار على لصوص اقتحموا مزرعته عندما كانوا في طريقهم للخروج منها عام 2007. على الرغم من انه لا يعرف انهم سيعتدون عليه ولم يكن في حالة خطر على حياته، انتظرهم مع بندقية واطلق النار عليهم – ست رصاصات. قد جرح احدهم وقد اصيب اخر بظهره. درومي تمتع من دعم الموشافات، الكيبوتسات واصحاب المزارع، الذي أدى إلى تعديل قانون العقوبات أثناء المحاكمة، حيث ان في حالة اقتحام ممتلكات شخص كما لو كانفي حالةخطر على حياته، يحق له الدفاع عن نفسه حتى لو لم يكن في خطر الموت. درومي انتصر جراء تعديل القانون، على الرغم من أنه كان بعيد عدة أمتار عن اللصوص، بينما كان جوناثان متر واحد بعيدا عن مغتصبه.
"غير معقول تقبل المحكمة المحلية التي أفرجت عنه والنيابة العامة التي لم تقدم استئناف إلى المحكمة العليا-هذا القانون وانهم ما زالوا يدعون ان جوناثان كان من الممكن أن يهرب"، يقول أيزنبرغ. "عندما أدركت العلاقة بين الرجل الذي تمت تبرئته لأنه قتل لحماية املاكه وبين ذاك الذي دافع عن نفسه وعوقب بعشرين عام في السجن – طالبت بأن حالة الدفاع عن النفس يجب أن تكون في نفس الدرجة. على أي حال، حتى لو لم يتقبلوا الادعاءات القانونية، لا يمكن للمحكمة ترك مثل هذا الشخص في السجن".
أيزنبرغ يقارن أيضا بين هذه القضية لقضية كارميلا بوهبوت، التي قتلت زوجها العنيف في عام 1994 بينما كان نائما في الصالون، حيث أخذت قناصة ابنها ورشقته بالرصاص. في هذه الحالة المحاكمة كانت أكثر إنسانية" يذكر أيزنبرغ، "لأنهم كانوا يعرفون أنه في حال تقديم لائحة اتهام بتهمة القتل، لا يمكن للمحكمة اعطاء أقل من السجن مدى الحياة. وقد قدموا لائحة اتهام على القتل، وبداية كان القرار بالسجن لمدة سبع سنوات ومن ثم لثلاث سنوات بعد تقديم الاستئناف".
رسالة من صبية تبلغ الثلاثة عشر
الناشاطات سابير سلوسكار-عمران وإميلي جرينسويج ، طالبة في كلية الحقوق والاقتصاد، تعرضن لهذه القصة من خلال أيزنبرغ. هن وغيرهم أقاموا حملة تضامن مع العشرات من النشطاء قبيل الاستئناف في المحكمة العليا لرفع الوعي العام بالنسبة للفجوة بين هالو الضحية والعقاب الصارم الذي فرض عليه ومحاولة التأثير على المحكمة لتسهيل حكمه.
كجزء من حملة التضامنعلقت حول المدن شعارات تدعو إلى الإفراج عنه، تم إعداد صفحة انترنت وصفحة فيسبوك، جمعت رسائل دعم تم ارسالها لهالو، نظمت حملات لجمع التبرعات، تنظيم حافلات من أجل حضور المناقشة في المحكمة العليا، اقامة مظاهرة، واعداد تقارير ونشرها في وسائل الإعلام، قاموا بتصوير فيلم يروي قصته، وفيلم آخر والذي سيتم من خلاله قراءة رسالة إلى رئيس الدولة من قبل العشرات من الرجال ، النساء والأطفال من جميع الطوائف والمزيد من الأنشطة.
"جوناثان متحمس جدا حول ما يحدث في البلاد"، يقول أيزنبرغ نيابة عن هالو الذي حالته النفسية الحالية لا تسمح له باللقاء مع الصحفيين، "كل ما يريدهجوناثان هو ان يحكموا عليه من وجهة نظره بدلا من الناحية القانونية وأن يفهموا كيف يمكن لرجل الذي مر باغتصاب الوصول الى مثل هذه الحالة، وقرأت له رسالة كتبتها له فتاة تبلغ الثلاثة عشر. قرأت له الرسالة واختنقت بالدموع. كتبت أنها بنفسها كانت ضحية اغتصاب وأنها تتابع القصة وتقول له أن يكون قويا. ووعدت بعدم تركه ووعدت أن تأتي إلى المحاكمة. فتاة ذكية جدا. قرأت له ذلك وأنا بالكاد أستطيع القراءة وقدانفعلهالو كثيرا من هذه الرسالة"
يبدو انك متعاطف مع هذه المحاكمة.
"أحيانا أمثل القضية ببرود مثل طبيب جراح واحيانا أتعاطف معها. في احدى المناقشات مع جوناثان عندما قدمت طلبا لإعادة النظر، قالت لي القاضي" لا تنسى يا سيدي ان ليس انت في السجن". شعرت بأنني أتحدث نيابة عنه وانني اتعاطف معه كثيرا".
على افتراض أنها تتمكن من الإفراج عنه، ماذا يحدث عندما يخرج من السجن؟ لديه مكان يذهب إليه؟
"عند خروجه من السجن اعتقد انه لن يكون قادرا على العودة إلى الحي حيث ان عائلة الضحية تعيش هناك، ولقد حرصت على أن تقول لوسائل الإعلام انها ستقوم بالقضاء عليه اذا عاد الى الحي. هددته بأنه ليس هناك شيئا يلزم عودته، آمل أنه يتمكن من ايجاد وسيلة لإعادة بناء حياته. قال ان لديه حلم أن يعود الى هدوءه وعائلته، أن يتزوج وينجب الأطفال والعودة إلى حياته الهادئة وتعويض الناشطين الذين قاموا بدعمه. ولكن ليس هناك شك أنه سيواجه مشكلة في العودة إلى هذه الحياة.
"قال لي انه فيبعض الأيام يرى يارون يغتصبه مرة أخرى. لديه العديد من الكوابيس حول يارون، ويراه في الأحلام يأخذ المال منه، يطارده ويغتصبه. وعبّر عن أسفه على أن يارون لم يحقق تهديده بقتله، بعد كل هذا الوقت الذي كان يشعر فيه في خطر الموت بسبب تهديدات يارون, يقول لي "خسارة ان يارون لم يقتلني لأنه دمر حياتي. كان من الأفضل بالنسبة لي أن أموت من البقاء في هذا الواقع".
*
بشراكة مع "كلنا"، مبادرة من أجل مجتمع عادل وتعددي