التقارير الواردة إلى موقع كفاية تُفحص وتوضع على الخارطة باللغتيْن، ويقوم طاقم شوتفوت شراكة بمعالجتها. نحن نتصل بالذين قدّموا التقارير ونتحدّث معهم، ونسمع كلّ التفاصيل ثم نقوم نحن بتوجيه هذه التفاصيل إلى الجهات المعنيّة، ونتابع المسألة حتى تلقي الردود
ستجد دائمًا من يقول لك إنّ ما يحدث ليس إلا أوهامًا تعيشها، وبأنّ مجموعات الأقليّة تعاني شعورًا بالدونيّة وتنزع لتفسير كلّ الصعوبات التي تواجهها بأنها تمييز. وستجد دائمًا من يدّعي أنّ العرب يبالغون مبالغة شديدة حين يتبرّمون طيلة الوقت من "العنصرية". وسيكون من الصعب تفسير كلّ هذا لشابيْن من بيت حنينا ضُربا ضربًا مبرحًا كاد يودي بحياتيهما، بقضبان حديديّة وهراوة بيسبول، لا لشيء إلا لكونهما عربيّيْن. لا تبدو العنصريّة في ظاهر الأمرإلا مصطلحًا مجرّدًا عصيًّا على التعريف، أمرًا لا يمكن إدراك حقيقته، أو ترجمته إلى مركّباته الأساسيّة.
وحتى عندما نحاول أن نفهم ما فعلته هراوة البيسبول العينيّة، والمكوث في المشفى واعتقال المشتبهين، فإننا نجد أنفسنا عائدين إلى العنوان المجرّد. فعندما يُنشر عن هذه الأحداث البادية للناس، يعود النقاش إلى البُعد العام- إلى جوّ العنصريّة والتحريض الذي يرافقه، وإلى التساؤل عن كيفية الانتقال من الاجماع المريح على أنّ الغالبيّة جيّدة، باستثناء بعض "الأعشاب الضارّة" طبعًا، إلى العار الفظيع المتمثّل بصور الشابيْن المضروبيْن ووجهيْهما المُزرَقّيْن. فلنرَ إذا كنتم ستخرجون الآن للإمساك بتلابيب الجوّ السائد الذي لا يتغيّر.
هذا الكيان المسمّى "الجوّ العام" ليس كائنًا فضائيًّا آتيًا من فضاءات الغيبيّات، بل هو مبلور وقائم ويُنتج عددًا من الأحداث والتجارب التي يمرّ بها النساء والرجال والأطفال والشباب والمسنّون. بمعنى: يمكن لأحداث العنصريّة أن تبدو شبه هامشيّة، أو كأحداث خارجة عن القاعدة: يشطبون كتابات بالعربيّة على يافطة شوارع؛ يهدّدون من يتحدّث العربيّة بهاتفه أثناء السفر في القطار؛ ينعتون شخصًا ما بأنه "عربيّ قذر". لكنّ كل ّهذه الأمور، وبموازاة التمييز المؤسّساتيّ على خلفيّة قوميّة، هي مصدر تسلسل الأحداث الذي انتهى بإحراق محمد أبو خضير البالغ 16 عامًا، وهو على قيد الحياة.
لقد قرّرنا في ائتلاف شوتفوت شراكة أن نبادر لفعل شيء ما. رغبنا في الابتعاد قدر الإمكان عن المُجرّد، وسعينا لأن نجسّد نهائيًا وبوضوح ما الذي نقصده حين نتحدّث عن العنصريّة. لم نرغب بقصص أخرى ستختفي طيّ النسيان في شبكة فيسبوك، عن أصحاب شقق لا يوافقون على التأجير وعن إهانة وإذلال مقدّمي الخدمات. لم نرغب بالمزيد من التبرّم التلقائيّ ونحن نقرأ، من دون أن ننشط بشكل فعّال من أجل وضع حدّ لهذه الظواهر.
"كفاية" هي خارطة تفاعليّة يجري تحديثها باستمرار، حيث أنّ الجمهور مدعوّ لتقديم التقارير بالعربيّة والعبريّة حول أحداث عنصريّة ضدّ العرب. التقارير الواردة إلى الموقع تُفحص وتوضع على الخارطة باللغتيْن، ويقوم طاقم شراكة بمعالجتها. نحن نتصل بالذين قدموا التقارير ونتحدّث معهم، ونسمع كلّ التفاصيل ثم نقوم نحن بتوجيه هذه التفاصيل إلى الجهات المعنيّة، ونتابع المسألة حتى تلقي الردود. نحن نمارس الضغوطات التي لا تتوقف على كلّ بلديّة إلى أنّ تمحو كل عبارات "الموت للعرب"، ولن نتوقف عن إلحاحنا على المشغّلين الذين نكّل عاملوهم بالعرب، ولن نتوقف حتى يغيب المحرّضون عن المنابر الجماهيريّة. وليعرف كلّ من يتغاضى عن الممارسات العنصريّة: الجمهور يراقب ويطالب بمعالجة المسألة.
*
يستند موقع "كفاية" على تقنيّة Ushahidiالتي طُوّرت في كينيا من أجل مواجهة موجة العنف التي اندلعت في أعقاب الانتخابات الرئاسيّة عام 2007. وهي تشكّل سُدّة لجمع المعلومات من الجمهور على شكل خارطة جماهيريّة (crowdmapping) تلائم بالضبط هذه الفترة السيّئة. لقد أدّت حالات العنف المتطرّف إلى رفع عتبة الحساسيّة، وبالتالي سقف الدخول إلى التقارير الصحفيّة في وسائل الإعلام. وسيُمكّن هذا الموقع من رؤية وجه العنصريّة في إسرائيل، بنظرة طائر مُحلّق. وسيُمكّن أيضًا من البحث في الأساليب والمميّزات، وسيكون مركزَ معطيات يُسهّل من التعامل مع انتشار هذا الوباء.نحن نعرف جميعًا أنّ هذا الوباء سيستمرّ في حصد الضحايا ما لم تبدأ التربية للديمقراطية والحياة في مجتمع مشترك، منذ الطفولة المبكرة.
المتابعة التي سيحققها "كفاية" ستوفر أيضًا ردًّا على أزمة الثقة العميقة القائمة بين الجمهور العربيّ في إسرائيل وبين السلطات. نحن سنشكّل امتحانًا واقعيًا لشعور اليأس الشائع والذي يفيد بعدم وجود أيّ احتمال لتلقّي المساعدة من جهات تطبيق القانون. لن ننتظر الحصول على المعطيات في إطار قانون حريّة المعلومات بخصوص مستوى المعالجة الذي يوفره خط الطوارئ التابع لوزارة القضاء. كلّ الأمور عندنا مكشوفة وشفافة ومعروضة على الملأ، ممّا يجعل تقديم التقارير لكفاية عملاً ناشطًا من أجل خلق التغيير؛ هذه مطالبة مشتركة وتكافليّة من العرب واليهود لسلطات الدولة بأن تبدأ بالعمل وأداء مهامها. فحتى الآن، وعلى أرض الواقع، أخفقنا كمجتمع، ولم يبدر عن السلطات أكثر من العجز عن حماية الجمهور العربيّ. عندما تقدّمون بلاغًا في كفاية بخصوص أحداث عنصريّة، فإنكم تنضمّون إلى القوة المقاومة، وإلى النداء الذي يجب أن يتردّد صداه الآن: كفى، خلص، كفاية!
هل واجهتم العنصريّة؟ توجّهوا إلينا: وسنضع حدًّا لها!
أري ريمز هو مركّز الإعلام والحملات في ائتلاف شوتفوت شراكة- منظمات من أجل مجتمع ديمقراطيّ تكافؤيّ ومشترك
المنظمات العضوة في شراكة:معكِ- حقوقيّات من أجل العدالة الاجتماعيّة | كيان- تنظيم نسويّ | ماهفاخ تغيير | معهد النقب- أجيك | سيكوي، الجمعية لدعم المساواة المدنية | عاملون اجتماعيّون للسلام والرفاه | تسوفن- مراكز التكنولوجياالعليا | كاف مشفيه- تحالف المشغلين من أجل مساواة الأكاديميّين العرب | كيشف- مركز لحماية الديمقراطية في إسرائيل | شتيل