عملية تشريع (القانون الأساسي: إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي) استمرت في الكنيست بضع سنوات ولكن المصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة لم تتم الا في ختام الدورة الأخيرة للكنيست وبعد ادخال تعديلات واسعة عليه. وتتطلب الاحتجاجات الكبيرة التي اثارها هذا القانون من جهة، واقوال رئيس الوزراء من انه لا يمس بالأقليات ولا يغير شيئا على ارض الواقع من جهة ثانية، ان ندقق في هذا القانون بندا بندا لنرى ما هي الأمور التي تغيرت وباي شكل وهل ينطوي إقرار هذا القانون على المساس بمواطني الدولة من اليهود وغير اليهود على حد سواء.
قام بتحليل القانون الدكتور ادم شنعار من كلية الحقوق على اسم هاري ردزينر في المركز المتعدد المجالات في هرتصليا.
الضغط على السهم الموجود بجانب صيغة البند سيعرض عليكم تحليله
المبادئ الأساسية
1. ارض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي والتي اقيمت فيها دولة إسرائيل
لا ينطوي هذا البند على أي تحديث ملموس وانما يكرر ما جاء في وثيقة الاستقلال من ان الدولة تقام داخل ارض إسرائيل، ولا يعني ذلك بالضرورة ان هناك تطابقا بين ارض اسرائيل ودولة إسرائيل.
2. دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي التي يمارس فيها حقه الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي في تقرير المصير
ينطوي هذا البند على تحديث اذ ان الربط بين حق تقرير المصير والدين، او تقرير المصير بحكم الدين – دين اليهود او أي دين اخر – لم يكن موجودا من قبل.
3. ممارسة الحق في تقرير المصير القومي في دولة إسرائيل خاصة بالشعب اليهودي
ان هذا البند ينطوي على مشكلة كبيرة لأنه يقول ان الشعب اليهود وحده يتمتع بحق تقرير المصير بينما لا يتمتع المسلمون والمسيحيون والعرب وغيرهم بأي حقوق جماعية مثل الحق في الثقافة واللغة او الحقوق الدينية. اننا نوضح من خلال هذا البند ان دولة إسرائيل خُصصت أولا وأخيرا لليهود وان مجموعات أخرى لا يمكنها ممارسة حقها في تقرير المصير.
شعارات الدولة
1. اسم الدولة هو (إسرائيل)
لا تغيير في الوضع القائم قبل سن هذا القانون
2. علم الدولة لونه ابيض وخطان افقيان بالأزرق السماوي في جانبيه قرب الهامش ونجمة داود بالأزرق السماوي في وسطه
(قانون العلم) قد حدد شكل علم إسرائيل لكن هذا البند يرفع بالعلم الى مكانة دستورية التي هي فوق القانون العادي. فمن السهل نسبيا تعديل قانون نظرا لقدرة المحكمة على اعتبار هذا البند او ذاك مخالفا للقوانين الأساسية ولكن بسبب كون هذا القانون الاساسي جزءا من الدستور فسيكون من الصعب القول ان الدستور غير دستوري.
3. شعار الدولة هو الشمعدان العبري السباعي وغصنا زيتون الى جانبيه وتحته كلمة (اسرائيل)
لا تغيير في الوضع القائم قبل سن هذا القانون
4. النشيد الوطني هو (هاتيكفا - الامل)
لا تغيير في الوضع القائم قبل سن هذا القانون
5. التفاصيل الخاصة بشعارات الدولة ستحدد في القانون
ان جميع هذه البنود تتضمن ميزات يهودية خاصة مثل جملة (نفس يهودية تتوق) من النشيد الوطني ورمز نجمة داود في العلم وشمعدان الهيكل العبري في شعار الدولة. ويستهدف ذلك التوضيح على المستوى الدستوري ان الدولة يهودية وان شعاراتها الأساسية يهودية وبالتالي ايجاد منزلة دنيا لكل من هو غير يهودي. وفرسنا مثلا هي دولة قومية ولكنه يمكن للجميع ان يكونوا فرنسيين. اما هذا القانون فيدعي بان إسرائيل ليست دولة لإسرائيليين ذوي قومية إسرائيلية وانما ذوي قومية يهودية وبالتالي يتم التعامل مع سكان الدولة اليهود فقط.
عاصمة الدولة
اورشليم القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل
ليس هناك أي تحديث مقارنة مع (القانون الأساسي: اورشليم القدس – عاصمة إسرائيل) من عام 1980 الذي ينص على نفس الشيء. المشكلة لا تكمن بتكرار هذه المصطلحات بل بكون (اورشليم القدس الموحدة) تتضمن شرقي القدس التي هي منطقة تم احتلالها في عام 1967 ولم يُعترف بها من قبل الأمم المتحدة او القانون الدولي فتُعتبر منطقة غير قانونية. اما بالنسبة للقضاء الإسرائيلي الداخلي فهو يطبق القانون على هذه المنطقة.
لغة الدولة
1. العبرية هي لغة الدولة
لا تغيير في الوضع القائم قبل سن هذا القانون
2. اللغة العربية تتمتع بمكانة خاصة في الدولة. تنظيم استخدام اللغة العربية في المؤسسات الرسمية أو امامهم سيتم بالقانون
حتى سن (القانون الأساسي: القومية) كان يسود الاعتقاد بان العربية والعبرية تتمتعان بمكانة متساوية كلغتين رسميتين وذلك استنادا الى امر من عهد الانتداب البريطاني يعرف ب(امر الملك ومجلسه). اما هذا القانون فينص على ان العبرية هي لغة الدولة والعربية تتمتع بمكانة (خاصة). فما معنى كلمة (خاصة)؟ القانون لا يفسر ذلك. هذه محاولة لترسيخ سيادة الابعاد اليهودية للدولة والمكانة الدنيا للأقلية العربية بما في ذلك لغتها.
3. لا يمكن لمضمون هذا البند ان يمس بالمكانة التي تمتعت بها اللغة العربية بالفعل قبل بدء العمل بهذا القانون
من الواضح ان القانون لا يغير الماضي ولكن ماذا سيكون في المستقبل؟ نحن لا نعلم. هذا القانون هو عبارة عن عملية تحضير – فاذا أرادوا ان يعملوا شيئا ما في المستقبل، مثل اتخاذ قرار بعدم تقديم خدمة عامة معينة باللغة العربية، فيصبح ذلك ممكنا لان الدولة ستستطيع القول ان اللغة العربية لم تعد لغة رسمية. فهناك اساءة رمزية ولكنه يخشى من ان تكون هناك أيضا اساءة مستقبلية لا نعرف طبيعتها بعد.
جمع الشتات
تكون الدولة مفتوحة امام قدوم اليهود وجمع الشتات
لا تغيير في الوضع القائم قبل سن هذا القانون
العلاقة مع الشعب اليهودي
1. تحرص الدولة على ضمان سلامة أبناء الشعب اليهودي ومواطنيها الذين يواجهون ضيقا واسرا بسبب كونهم يهود او بسبب جنسيتهم
إذا وقع عربي في الاسر بسبب جنسيته الإسرائيلية فستكون الدولة مسؤولة عن سلامته أيضا. وتعتبر الدولة نفسها مسؤولة ليس عن سلامة مواطنيها اليهود فقط وانما عن جميع اليهود في العالم. فاذا كنت يهوديا وليس مواطنا إسرائيليا ستهتم الدولة بك أيضا. وستخصص موارد الدولة - وهي تأتي من أموال الضرائب التي يدفعها الجميع، بمن فيهم العرب – لتقديم المساعدة أيضا ليهود ليسوا مواطنين [على سبيل المثال – يهودي تم سجنه في الخارج لكون نظام تلك الدولة مناهضا للسامية].
2. تعمل الدولة في صفوف الشتات من اجل الحفاظ على الصلة بين الدولة وأبناء الشعب اليهودي
هذا البند مثير للاهتمام لأنه صيغ في بداية الامر بصورة مختلفة وكان من المقرر ان ينطبق على ما يجري داخل إسرائيل أيضا ولكن أحزاب اليهود المتشددين دينيا كانت تخشى من ان تحوًّل أموال الدولة الى مجموعات يهودية إصلاحية وغير ارثدوكسية. ولهذا السبب تم تغيير البند وهو ينص بالفعل على ان الدولة ستعمل خارج البلاد فقط.
3. تعمل الدولة على حفظ التراث الثقافي والتاريخي والديني للشعب اليهودي في صفوف يهود الشتات
يمكن للدولة ان تنفذ مشاريع في صفوف اليهود القاطنين في الولايات المتحدة او فرنسا او الارجنتين من اجل حفظ وترسيخ تراث الشعب اليهودي. اننا لا نحفظ التراث التاريخي لعرب إسرائيل - على سبيل المثال - وانما تراث اليهود فقط.
تجمعات سكنية يهودية
تعتبر الدولة تطوير تجمعات سكنية يهودية قيمة قومية وستعمل على تشجيع ودفع اقامتها وتعزيزها
هذا البند له مدلولات عملية وليس رمزية فقط بشكل يكرس التمييز. لقد كانت قيمة إقامة تجمعات سكنية موجودة في وثيقة الاستقلال ايضا وحتى قبل قيام الدولة. اما هذا البند فيقر بان إقامة تجمعات سكنية يهودية هي فقط التي تعتبر ذات قيمة [مما ينطوي على تمييز جميع غير اليهود، مثل الدروز]. هل يعني ذلك ان الدولة بإمكانها إقامة تجمعات سكنية لليهود فقط؟ هذا السؤال يطرح نفسه. سلم الأولويات هو دفع استيطان مجموعة معينة وليس مجموعات أخرى. ففي دولة تكون فيها الموارد محدودة يأتي هذا الدفع على حساب شيء اخر.
تقويم رسمي
التقويم العبري هو التقويم الرسمي للدولة ويستخدم الى جانبه التقويم الميلادي كتقويم رسمي. سيحدًّد استخدام التقويمين العبري والميلادي في القانون
لا ينطوي هذا البد على مشكلة خاصة ولكنه يرسخ مرة أخرى عناصر الدين اليهودي
عيد الاستقلال وايام احياء الذكرى
1. عيد الاستقلال هو يوم العيد الوطني الرسمي للدولة
لا تغيير في الوضع القائم قبل سن هذا القانون
2. يكون يوم احياء ذكرى شهداء حروب ومعارك إسرائيل ويوم احياء ذكرى الكارثة والبطولة يومي احياء ذكرى رسميين للدولة
لا ينطوي ذلك على أي تغيير دراماتيكي مقارنة مع ما كان الامر عليه حتى الان
ايام الاستراحة والعطلة
يكون يوم السبت والاعياد العبرية أيام الاستراحة الدائمة للدولة. ويحق لغير اليهود بان يمارسوا أيام الاستراحة في يوم عطلتهم الاسبوعي واعيادهم. وستحدد تفاصيل هذا البند في القانون
لقد حدد هذا الامر قانون ساعات العمل والاستراحة من عام 1951 ولكن ذلك يتمتع الان بمكانة دستورية فوق القوانين العادية.
صلابة القانون
لا يمكن تعديل القانون الأساسي هذا الا من خلال سن قانون أساسي تم اقراره بأغلبية أعضاء الكنيست
لا تكفي اغلبية عابرة في الكنيست اذ ان هناك حاجة لأغلبية 61 عضو كنيست على الأقل في كل من القراءات الثلاث. وبالإضافة الى ذلك يجب ان يكون التعديل بمثابة قانون أساسي (مثلا: القانون الاساسي: التعديل) مما يعني ان القانون يضمن نفسه. والحقيقة ان أي ائتلاف حكومي بإمكانه تعديل هذا القانون غير ان ذلك لن يكون بسيطا لأنه سيحتاج الى الأغلبية المذكورة. ويعتبر هذا البند غير عادي علما بان (القانون الأساسي: كرامة الانسان وحريته)، على سبيل المثال، لا يحتاج الى مثل هذه الأغلبية من اجل تعديله.
ويقول الدكتور شنعار: "ان هذا القانون بشكل عام يوجه رسالة الاقصاء الى كل من هو غير يهودي لأنه قانون يتناول اليهود فقط ويرسخ سيادتهم السياسية. وما لا يقل أهمية عن مضمون القانون هو ما يغيب عنه – الا وهو التعهد بالمساواة والديموقراطية".
وبعد تحليل الدكتور شنعار أصبح من شبه المستحيل ان يقال ان القانون الأساسي الجديد لا يؤثر بشكل سلبي على مكانة جميع مواطني الدولة غير اليهود. وتلميحات رئيس الوزراء الى ان القانون لا يؤثر سلبا على غير اليهود الذين يخدمون في صفوف الجيش، على سبيل المثال، لا تتماشى مع صيغة القانون الذي ايده.
ومن الممكن حقا ان يدخل هذا القانون صفحات التاريخ كما صرح بذلك العديد من ساسة اليمين بعد اقراره ولكنه ليس من المؤكد على الاطلاق ان يتم اعتباره امرا إيجابيا في هذه الصفحات.
ترجمة: ابيب يهالوم
[mc4wp_form id="1006521"]