"العربي الذي سيقيم في البلدة سوف يعاني الأمرَّين، وهو مصير كل من يدعم عائلة عربية. قلت له إنه يستحسَن أن يقف الجميع معنا في مواجهة العرب، لأن ما سيراه من جهتنا طيلة الوقت سيكونحروبا ومتفجرات تنسيه العيش بهدوء".
بهذه الكلمات عبّر (أ) من نوريت الواقعة في منطقة الچِلبوَع، وهي بلدة جماهيرية في مرحلة الإنشاء، عن تقزّزه من احتمال إقامة طبيب عربي إلى جانبه في البلدة الجديدة. "نحن عادة من أجل العمل بهدوء"، يكتب (أ)، "لكنني أريد أن أوضّح لكافة السكان أن دخول العرب غير وارد حتى ولو أدّى الأمر إلى هزّة أرضية". (أ) عضو في مجموعة تضم حوالي 20 شخصا وصلت الحوارات التي يديرونها إلى "مَقوم"، وهي تكشف عن محاولاتهم المختلفة لمنع العرب من الإقامة في البلدة.
أُنشئت المجموعة في وسط الأسبوع تطويرًا لحوارات شهدتها مجموعة الفيسبوك التابعة لبلدة چان نِر التي يقيم فيها عدد من الأشخاص الذين يخططون للإقامة في نوريت. وقد بدأت الموجة حين وضع (ق)، وهو من سكان چان نر، على صفحة الفيسبوك التابعة للبلدة صورة لفتى عربي يلوّح بعلم فلسطين على خلفية برج إيفل، سائلا: "هل تعرفونه؟ لا يمكنكم أن لا تعرفوا".
لم يفهم أعضاء المجموعة ما الذي يقصده (ق)، بل وإن (ي) غضب واستهجن قيام (ق) بعرض صور مساندة للفلسطينيين. فردّ (ق): "والده يعمل في چان نر وعمّا قريب سيكون جارك في نوريت". الفتى المذكور هو نجل د. أحمد زعبي، وهو طبيب عربي يعمل في چان نر، وقد اقتنى أرضا في نوريت التي قيد الإقامة.
النقاش، الذي بدأ بنبرات هادئة نسبيا، ازداد سخونة. بعض أعضاء المجموعة، الذين لم يكونوا واثقين من أن الفتى ابن الطبيب، سارعوا إلى الرد. "إنه لأمر مؤسف حقا!!"، كتبت إحداهن (ب)، "هل يعلم الوالد عن تصرفات ابنه؟ لعله هو من خربش الصليب المعقوف في مدخل چان نر"، فيرد (د) عليها: "أنا متأكد من أن تربية الابن هي من تربية الوالد". وقد طالب بعض السكان: "ليتوقف عن معالجة الأطفال" و"ليعُد إلى غزة".
في المقابل، أُسمعَت أصوات طالبت بإعادة النظام: "أيها الرفاق، حذارِ من التحريض"، كتب كل من (س) و(ن)، "الأب طبيب ممتاز يقوم على معالجة أطفالنا بمهنية. الابن ليس إلا طفلا في ال-13 من عمره يبدو أنه نشر ما نشر دون علم والديه ودون التفكير مليًّا. يجب أن نعمل من أجل التعايش في الچلبوَع وصيانته. لدينا جيران جيدون يريدون العيش بسلام وهدوء مثلنا. د. زعبي يقوم على معالجة الناس دون فرق على أساس الدين أو العِرق أو الجنس. نرجوكم، حافظوا على كرامته وكرامتنا".
يبدو أن وجود هذه الأصوات المعتدلة أقنعت (ي) أن ينشئ مجموعة واتس أپ موازية ضمّ إليها حصريًّا أولئك الذين اعتبرهم مساندين لمواقفه في إبعاد د. زعبي من نوريت والسعي لتحقيق هذا الهدف. وقد أطلق على المجموعة بوحي من تلك الفترة "أمْر 8 – رجال نوريت". "إنها الحرب، وهي بحاجة إلى أكبر عدد من الناس"، يدعو (أ) إلى تجنيد المزيد من السكان، "يجب أن نصعّد الحراك".
صورة زعبي الصغير أصبحت تثير ردود فعل أكثر تشدّدًا. فسارع (ش) للإعلان عن التحاقه بالمجموعة: "صباح الخير للجميع. الآن فقط أصبحت أرى ما الذي حدث. كم أريد أن أتقيّأ عليه وأن أحرقه مع العلم وأن أقيم لوالده يوم ميلاد 123. إلى غزة يا زبالة".
"أظن أننا يجب أن نحضر كمية كبيرة من المتاريس وأن نقيم الحواجز"، يقترح أحدهم.
وفيما يلي بعض من الأفكار الأخرى:
أ: "ينبغي أن نستنزفه من خلال ابنه حتى يدرك ما الذي ينتظره إذا انتقل للعيش في البلدة ".
ل: "كيف سنستنزفه إذن؟ لم أسمع بعد عن شيء قادر على استنزافه".
ي: "بالخوف".
ل: "كيف ستخيفه؟ ممّ سيخاف؟"
ي: "من السكان، بحيث لا يستطيع النوم بهدوء".
أ: "أن يدرك بأنه لن يتذوّق الهدوء أبدا، والأهم من ذلك أن يدرك 'المعتدلون' بأن البلدة ستتفتّت بسبب زعبي".
ي: "يجب أن يعلم أنه سيواجه خطرا كبيرا في تنشئة أطفاله".
أ: "لقد نبّهتُ (ح) أول أمس من أنه في حالة دخول زعبي لن يكون أي يوم هادئ في البلدة التي حلم بالعيش فيها".
ي: "يجب أن نقيم القيامة في البلدة. هكذا فقط سيعرف أنه غير مرغوب به".
إني أكره العرب بصورة غير معقولة
"على سفح جبل الچلبوع الواقع في الشمال" – جاء في الموقع الإلكتروني التابع لنوريت – "على خلفية منظر سهل حرود الذي يخلب النظر، أقيمت البلدة الجماهيرية نوريت. نوريت بلدة جماهيرية أنشئت للمرة الأولى عام 1950 علي يد قادمين من اليمن. الاسم نوريت جاء بوحي من اسم القرية العربية نوريس التي كانت قائمة على مقربة من المكان.
"يركّز سكان نوريت على استدامة وتنمية حياة السكان التي تدمج عناصر سياحية وتضم مشروعات اقتصادية من شتى مجالات الحياة، وتحرص على المشهد والطبيعة وجودة حياة سكان البلدة. يحوّل كل ذلك نوريت إلى لؤلؤة طبيعة حقيقية، بلدة فريدة من نوعها يمكنكم فيها منذ اليوم التمتع بجودة حياة الغد. حوالي 80 عائلة اجتازت لجنة القبول تنتظر اليوم بدء عملية البناء".
اللؤلؤة الطبيعية هذه تشهد في هذه الأيام تمزّقًا من الداخل، وتثير الاقتباسات المأخوذة من مجموعة الواتس أپ التي بدأت تتسرّب منها قلقَ الكثيرين من أعضاء البلدة الذين يعارضون الأفكار المطروحة فيها، ويعتبرون نوريت بلدة مفتوحة للجميع.
كردة فعل، تَعْمد المجموعة المذكورة إلى أساليب دفاعية وانغلاقية. فصار أعضاؤها يحترسون في ضم الأعضاء خشية زرع "جاسوس" في صفوفهم، ويعتبرون أن الملتحِق الجديد يجب أن يكون، من وجهة نظرهم، "كارها للعرب بصورة غير معقولة". "ليس لي أي اعتراض عليها، لكنها تؤيد البلدة المختلطة"، كتب أحدهم عن سيدة أرادت الانضمام لكنها رُفضت، فيعلّق آخر قائلا: "إن رغبتْ، يمكنني أن أدبّر لها قطعة أرض في طوبا زنغرية". وفيما يلي ما كُتب عن (ح)، وهو من سكان نوريت أطلقوا عليه باحتقار اسم "الشرطي" لأنه طلب عدم التحريض على د. زعبي:
ر: "قلت له، اسمَعْني أيها السيد (ح)، لا يمكنك أن تفرض أفكارك علينا، وبالذات في هذه الحالة التي أصبح الفتى على أعتاب الإقامة عندنا وهو يلتقط الصور مع علم الأكذوبة المسماة فلسطين".
أ: "لقد تحدّث إلي أيضا. قلت له إنه بدون أية علاقة بفلسطين، أي عربي سيتواجد في البلدة سوف يعاني، ومثله كل من يدعم عائلة عربية".
ي: "جيد جدا".
أ: " قلت له إنه يستحسَن أن يقف الجميع معنا في مواجهة العرب، لأن ما سيراه من جهتنا طيلة الوقت سيكون حروبا ومتفجرات تنسيه العيش بهدوء. فردّ بأنه يأسف لأننا نتصرف على هذا النحو، لا سيما وأن العربي قد اجتاز لجنة القبول".
في هذه المجموعة أيضا ظهرت بعض الأصوات التي دعت إلى الاعتدال، ليس لسبب إلا نتيجة الخشية من احتمال تسرّب الأقوال إلى الخارج. فكتب (ك): "أقترح أن نختصر قدر الإمكان الثرثرة على الشبكة وألا نستخدم الشتائم العنصرية… كما وأدعو إلى الحرص على اعتماد لغة نظيفة تحسّبًا من تسرب الأحاديث إلى الخارج وتكوُّن صورة سلبية عنا".
فتضيف (م): " أظن أن من شأن وسائل الإعلام والحرب المكشوفة إلحاق الضرر بنا. ينبغي أن نعي أن علينا التصرّف بحكمة، فالإعلام سيفٌ ذو حدَّين قد يرتدّ إلينا – فتجد نفسك مغمورا بالمزيد من مثل هذه الطلبات، فتنخفض قيمة الأراضي ونكون نحن الخاسرين".
فيردّ عليها (أ): "أنت على حق من الناحية المبدئيّة، لكننا قبل نصف عام كنا نفكّر مثلك، ولم نجْنِِ من ذلك أية فائدة. وانتهى الأمر بدخول زعبي البلدة لأننا كنا 'أولادا طيبين'".
تؤيد (م) اتخاذ الإجراءات القانونية ضد زعبي من خلال مراجعة لجنة القبول التابعة للبلدة متسائلةً إن كان ذلك الفتى ابنه فعلا.
فيحكم (ص): "إنه ابنه".
عدم الملاءمة للنسيج الثقافي
قرر أعضاء المجموعة العمل على مستويات مختلفة: المستوى القانوني الذي يشمل توجيه رسالة رسمية من محامٍ إلى قسم الاستيطان وإلى الوكالة اليهودية والمجلس الإقليمي تدعو إلى مصادرة عضوية زعبي بحجة "عدم الملاءمة لنسيج البلدة الاجتماعي والثقافي" (وهي حجة رائجة لاقت ردود فعل واسعة في البلدات الجماهيرية). طلب منهم الطاقم القانوني التابع للوكالة اليهودية أن يرسلوا الشكوى إلى لجنة القبول ونسخةً إليه. فقرروا التوجّه إلى بعض أوساط اليمين كالمحامي إيتمار بن چبير (الذي طلب أن يتحدّثوا إليه صباحا) وإلى ميخائيل بن أري (الذي كان في إجازة).
لقيت الرسالة الأولى التي وجهها (ص) إلى عضو الكنيست ميري ريچڤ ردَّ فعلٍ فاترًا، إذ أجابته: "إن كان القانون يتيح له فعل ذلك، فلا يمكنك فعل شيء". لا يأتمن أعضاءُ المجموعة وسائلَ الإعلام، وهم يتهمونها بعد الحملة التي خاضوها بأنها يسارية ويفضَّلون عدم التعامل معها.
سرعان ما تملّكتهم المخاوف من احتمال توجّه المزيد من العرب لشراء الأراضي في البلدة، رغم انتهاء الأراضي المعروضة للبيع. "نصف الجمهور من الوسط (العربي – المترجم) يريد الدخول إلى البلدة بعدما تبيّن له أن زعبي أصبح هناك"، يكتب أحدهم، ويردِف: "لا يخلو الأمر من العرب القادمين الذين يعرضون على صاحب الأرض سعرا مضاعفا في محاولة للعيش هناك".
تستمر النقاشات حتى اللحظة، وهي تشمل تعابير من قبيل "ابن المخرّب"، و"إما أن نتحّد معا أو يكون مصيرنا أن نأكل الخبز واللبنة في البلدة اليهودية"، و"يجب أن يفهم كل المستوطنين أن زعبي مصيبة"، و"يجب استنزافه مع كل رقيقي القلوب الذين يتضامنون معه ويساندونه".
(ي) يقول مثلا: "صحيح، أما في واقع الأمر فإن سعر الأرض لا يعنينا. كل ما نريده أن نعيش في بلدة هادئة خالية من العرب. وإذا لم يتم ذلك، فلن أبني هناك أبدا".
فيرد عليه (أ): "لا بد للمستوطنين أن يفهموا أن في البلدة متطرّفين سوف يتعرّضون لزعبي ومَن يناصره ليعانوا ويأسفوا على اللحظة التي قرر فيها أن يعيش مع يهود".
(ص): "أيها الرفاق، لا بأس من إثارة الضجة وكتابة التعليقات على الفيسبوك لكن دون انتهاك القانون أو استخدام الجمل العنصرية. لا بأس من استعمال التلميحات، ويمكن كذلك إضافة "يبدو أن"، على سبيل المثال: 'يبدو أن زعبي يريد الظهور بمظهر الحمساوي'"
(ي): "الحقيقة أننا، نحن القدامى الذين عايشوا الجولة الماضية، لا نؤمن بالطريقة الهادئة، فقد رأينا في المرة السابقة أنها لم تُجدِ أي نفع".
في صباح يوم الخميس صاغ السكان "طلبا ملحًّا لعقد جلسة عاجلة للجنة البلدة"، مطالبين بـ"إلغاء قبول السيد زعبي وأفراد عائلته في صفوف البلدة، وذلك من خلال التماس موجّه إلى اللجنة لإعادة فحص قرار قبوله في ضوء تغيّر الظروف ولعدم ملاءمته لنسيج البلدة الاجتماعي الثقافي".
المستوطنون، كما يدأب هؤلاء على تسمية أنفسهم، لا يلتفتون إلى المزاعم التي يطرحها أعضاء المجموعة المطالبين بعدم السماح لأي عربي بالإقامة هناك وبتنغيص حياته إن فعل، بل يتوقفون بصورة عينية عند زعبي ونجله: "إنه لأمر خطير أن يدّعي الشخص بأنه يؤمن بالتعايش، وهو في الوقت نفسه يتماثل مع المواقف المتطرفة والعنيفة ويتبنّاها. إنها مواقف نقاومها ونستنكرها، ولسنا مستعدين بالطبع لتنشئة أولادنا في بيئتها… انكشاف مثل هذه المواقف المتطرفة ممّن يُفترض أن يكون جارنا، ليست مؤذية ومهينة فحسب، بل وتشكّل مسًّا بالأمن الشخصي – بكل ما في الأمر من معنى".
إشارة المسدّس
ظهيرة الأربعاء. الطريق إلى البلدة لم تعبَّد بعد. في منعطف الطريق الرئيسي الذي يقود إلى طلعة الجبل لا توجد لافتة. في المدخل إلى طريق الحصى المتعرّج الذي يوصل إلى البلدة، نُصبت لافتة صغيرة كُتب عليها "نوريت".
الدكتور علي زعبي، وهو طبيب أطفال، والدكتورة زادة زعبي، وهي طبيبة تتخصّص في التمريض، يصلان ليجريا جولة على قطعة الأرض التي اقتنياها. إنهما بحاجة لشقة يستأجرانها في فترة تنفيذ البناء الذي لم يبدأ بعد، وهما يقيمان في الوقت الحاضر في كفر مصر الواقعة بجوار كيبوتس چَزيت. لقد تزوّجا منذ 18 عاما، ولهما ثلاثة أطفال تلعب ابنتهما الكبرى طاولة السلة في فرقة الفتيات التابعة لچلبوع.
"لقد اهتممت بالموضوع منذ عشر سنوات حين طُرحت فكرة إقامة بلدة هنا"، يقول زعبي، "اتصلت حينها. قبل سنة ونيّف بدأتُ المعاملات مع الشركة المسوّقة، وفي حزيران، قبل ثلاثة شهور، أنهينا عملية القبول".
الفترة الزمنية لتلقّي الاعتراضات على القبول مدتها 60 يوما، وقد انقضت. يعرّف الزوجان نفسيهما كعربيين إسرائيليين علمانيين. يضحك زعبي قائلا بأنه إن وقعوا في أسر داعش سيكونان أول من يختفي. المجتمع الذي يقيمون فيه ذو غالبية يهودية "إنه أمر مريح أكثر لنا".
لماذا اخترتما العيش هنا؟
"إنها بلدة جماهيرية بيئية، وبعد تجربة امتدت 20 عاما من العمل في الوسط اليهودي، ظننت أن هذا المكان هو الأنسب لأن أعيش فيه من حيث العمل والمجتمع والهدوء النفسي والتربية المختلفة للأطفال. لقد أمضيت 20 عاما كاملة وسط مجتمع يهودي عملت أثناءها في مستشفى العفولة وطبيبا للأطفال في العيادة التابعة لچان نِر مدة 14 عاما. الأطفال الذين عالجتهم صاروا كبارا وأنجبوا أطفالا يحضرونهم إلي".
هل عرفت أن هناك مقاومة لدخولكم إلى البلدة؟
"قبل حوالي خمسة شهور دعاني شخصان سيقيمان في البلدة لاحتساء القهوة، وقد حاولا إقناعي بعدم السكن في بلدة مع يهود، لأن السكان يفضلون العيش في بلدة خالية من العرب، خصوصا، وفق ما قالوه، بعض العائلات التي وصلت من العفولة ونتسيرت عيليت ومچدال هعيمق. لقد تحدثوا وكأنهم يتكلمون عن أشخاص آخرين؟ وفي نهاية الجلسة قال لي أحدهما: 'إن كنت لا تهتم فاعلم أن هؤلاء قادرون على إلحاق الأذى بأطفالك'، ملوِّحًا بإشارة مسدس. قلت لهما إن قراري نهائي وإني درست كافة الجوانب ذات الصلة بالبلدة، وإني مصمم على الإقامة فيها. منذ ذلك الحين لم يحدث اتصال بيننا".
نجل زعبي، ويبلغ من العمر حوالي 13 عاما، موجود حتى نهاية الأسبوع المقبل بمدرسة صيفية في إنچلترا. وفي هذا الإطار سافر الأطفال لثلاثة أيام إلى پاريس حيث التُقطَت الصورة التي أشعلت النار.
يدّعي بعض سكان البلدة أن ابنك تصوّر مع علم فلسطين وأنه من مؤيّدي حماس.
"اتصل بي أمس أحد السكان وسألني عن الصورة التي وضعها ابني على الفيسبوك مع علم فلسطين في پاريس بالقرب من برج إيفل. بعدما استوضحت الأمر من ابني، الذي اشهد بأنه ولد هادئ، سكوت وموهوب (يتعلم في صف للموهوبين)، اتّضح أنه كان هناك وأن فتيَّين أردنيين من عمّان طلبا منه أن يلتقط صورة لهما مع علم الأردن على جهاز هاتف كان بحوزتهما. بعد أن فعل ذلك، سألاه إن كان يرغب في أن تُلتقَط له صورة، فتصوّر ووضع الصورة التي تضم علمهما هما – لقد كان ذلك علما أردنيا وليس فلسطينيا.
"في ساعات الليل اتصل بي رئيس لجنة الصحة التابعة لچان نِر للاستفسار عن حكاية الصورة في الفيسبوك، فشرحت له. إنه ليس إلا طفلا في ال-12 من عمره في مستهل سن البلوغ. إنه فتي طبيعي جدا، هادئ وسكوت، شارك منذ الصف الثالث في العديد من اللقاءات مع تلاميذ في مدارس يهودية من المنطقة. نحن لسنا من تلك الفئة. ابْنا اخوتي اللذان أنهيا الصف الثاني عشر قبل عام، يشاركان بتشجيع من العائلة، في الخدمة الوطنية قبل التحاقهما بالدراسة الجامعية".
هذه هي الصور التي يدور الحديث عنها لابن د. زعبي البالغ من العمر 12 سنة، وهي من صفحة الفيسبوك التي أغلقت.
لقد محوتَ صفحة الفيسبوك التابعة لابنك، وكأنك تعترف بالتهمة.
"إنني لا أفقه بهذه التكنولوجيا المسمّاة فيسبوك. حين تحدّث إلى ابني أول أمس، قال لي إنه يفضّل الإبقاء على الصورة لكي يرى المشاهد أن العلم علم الأردن. لعله أصيب بصدمة نتيجة الضجة الكبيرة التي أثيرت حول الصورة وقرر إغلاق الفيسبوك، أو لعل أحدهم أغلقه. أنا لم أعلم بالأمر وليس لي أي معرفة بالتكنولوجيا. إنه بالفعل فتى طيب، لكنه صغير جدا".
ما الذي ستفعله في شأن مقاومة إقامتك في نوريت؟
"أشعر أني في ورطة. الصواريخ في هذه البلاد لا تميّز بين اليهود والعرب. حين ألتقي مع زملاء أطباء يقيمون في المناطق، يدعونني متعاونا، والآن يقولون في نوريت إنني لست مخلصا للدولة بما يكفي. أود أن أقول لسائر المستوطنين: قبل أن تقرروا التصرّف بالأقوال وبالأفعال – التي يبدو أنها ستتجسّدإذ أنهم يلاحقون ابني على الفيسبوك ويتعرّضون له في بعض حواراتهم ويقولون إنه 'يؤيّد حماس'وما شابه ذلك– من الأفضل أن نلتقي ونتحاور ونتعارف، لا أن نهاجم".
هل تريد الإقامة هنا بالرغم من كل ذلك؟
"أجل".
هل أنت خائف؟
"كلا".
يخطّطون للقيام بأعمال متطرفة
"ما هو الشيء غير المفهوم هناك؟ ما كُتب هناك مفهوم إلى أقصى حد" يقول (ق)، وهو أحد سكان نوريت رفض ذكر اسمه الكامل، ويردف "سوف أعطيك الوقائع، وقومي أنت بتفسيرها على النحو الذي ترغبين". "ما حدث هو أن هناك عائلة من الوسط (العربي – المترجم) التي اجتازت لجنة القبول إلى نوريت، مع العلم أن نوريت هي بلدة يهودية.. أوكي؟ ثم إن أحد أفراد العائلة وضع صورا لشخص يلوّح بعلم فلسطين وصورا في الخلف ليد تحمل حجارة – وهي صورة تتماثل مع المقاومة التي تتبناها حماس".
هل حاولت التحدّث إلى والده، الدكتور زعبي؟
"شخصيا لم أحاول التحدّث إلى الطبيب. كانت لي محاولات في الماضي للحديث إليه".
ما تقوله هو إن الشخص الذي يضع ابنه الصور – لا يستحق الحوار؟
"أنا شخصيا لست معنيا بالحديث مع أشخاص يؤيدون منظمة إرهابية. طبعا. الموضوع هنا لا علاقة له بالعنصرية، ولا صلة له باليسار أو باليمين. الأمر هنا يتعلق بأطفالي الذين سيقيمون في هذه البلدة، وأنا لا أريد أن أقيم بجوار شخص يتبنّى مثل هذه المواقف".
ما الذي تخطّطون للقيام به؟
"سوف نفعل بموجب القانون، طبقا لما يتيحه القانون. أن نقيم الاستئنافات، أن نبعث الرسائل، ونتوجّه لمن يمكن التوجه إليه، لجنة القبول".
هل توجّهتم إلى شخص ما؟
"أجل. الإجراءات في أوجها".
يضيف (ق) أن هناك بين سكان نوريت "أشخاصا مواقفهم متطرفة أكثر بكثير، وهم يخططون للقيام بأعمال أكثر تطرّفًا. النواة التي تنشط لصالح البلدة لا تشارك في هذه الأمور. إنهم ليسوا رفاق درب لنا لا بالفيسبوك ولا في مجموعات الواتس أپ على أنواعها. إننا نصرفهم عنا، بكل بساطة"
هم أشخاص سيعيشون في البلدة معكم؟
"إنهم أشخاص يرغبون في الإقامة بالبلدة ويرغبون الالتحاق بمجموعة الواتس أپ التابعة لنا. إن كلامهم متطرف للغاية، وهو أمر لا نقبله".
هل تحاولون فعل شيء للتخلّص من التطرف؟
"إننا نقول لهم بأن المصلحة تستوجب العمل بموجب القانون، وإلا لن نحقّق أي شيء، فنندم. نحن لا نتصرف على هذا الشكل. لسنا من هذا النوع".
*
بشراكة مع "كلنا"، مبادرة من أجل مجتمع عادل وتعددي