قبل عشرون عاما التقيتُ للمرة الأولى مع عادل وأيمن قعدان وقد حدثوني بقصتهم الشخصية وكيف تم رفضهم من قبل لجنة القبول في "كتسير" لكونهم عرب. حينها بدأت بمعالجة موضوعهم من الناحية القانونية والذي انتهى في تحظير فرضته محكمة العدل على لجان القبول يحظرهن من التمييز في قبول العرب ومنذ ذلك الحين وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، تعاملت مع العديد من الأسر والأفراد رُفض طلبهم للسكن في القرى الجماهيرية ورُفض طلب انضمامهم لحملات توسيع جماهيرية.
לקריאה בעברית- הקליקו כאן
وقد رُفضت احدى الأسر لأن لديها طفل ذو احتياجات خاصة. الثانية رُفضت لأن مقدمة الطلب كانت أم وحيدة طلبت الانتقال الى القرية مع ابنتها وأسر أخرى شرقية من مجدال هعيمق قد رُفض طلبها بالانضمام للتوسيع الجماهيري في مرج ابن عامر(عيميك يزراعيل) بينما زوجين من رحوفوت رُفضوا لأن لجنة القبول قررت عدم توسيع القرى في منطقة كيبوتس لخيش وعائلة أخرى تنتمي لفصيلة بارسليف لم يتم قبولها لقرية دينية وطنية؛ زوجان من رمات هشارون رُفضوا للانضمام لقرية جماهيرية في الجليل الأعلى بسبب سنهم البالغ، لقد رُفض زوجان لحملة توسيع كيبوتس "شاعار هانيجيف "هذا وقد رُفض شخص ذو احتياجات خاصة للانضمام لقرية جماهيرية في الجليل الأعلى وهذه هي فقط البعض من الحالات.
على مر السنين، تابعتُ كل التغييرات القانونية التي تتعلق في مراحل القبول للقرى الجماهيرية ولحملات التوسيع الجماهيري. هذه التغييرات شملت تغيير هيئة لجان القبول وتحديد عدد السكان في القرية كشرط للقيام في إجراءات القبول (تراوحت الأرقام ما بين ال 300-500 أسر عائلية وقد تغيرت هذه الارقام من حين الى آخر)، شملت هذه التغييرات ايضا- تعيين لجان تحقيق وتوضيح الأسباب لرفض المرشحين، تعديل مجرى امتحانات القبول وتعديلات حكومية الأخرى.
مثلتُ عدة زبائن تم رفض طلبهم للسكن في قرى مختلفة خلال اقامة لجان تحقيق ومن خلال تقديم الالتماسات لمحكمة العدل العليا. في كثير من الحالات وأحيانا حتى قبل تقديم الالتماس نجحت المعالجة القانونية في تغيير قرار الرفض للانضمام للقرية لأسباب تعود لاعتبارات شخصية. رأيتُ كيفية عمل منهج لجان القبول ورأيتُ كيف تُهان كرامة المرشحين؛ البعض منهم يُهانون بشكل قاسي وعميق.
على مر السنين، دُعيت لزيارة القرى الجماهيرية لمشاركتي في موضوع لجان القبول، رأيت خلافات خطيرة تجري داخل القرى، رأيتُ العديد من الأصدقاء يغادرون قراهم في الجليل لمدة سنة بعد أمرهم من قبل لجنة القبول بطرد زوجين شابين- عرب من المنطقة قد استأجروا منهم وحدة سكن" ، سمعت كثير من الأشخاص يدعون أن اجراءات القبول لا تسطيع التنبؤ بإنشاء "حياة جماهيرية صالحة" وسمعت اخرون يقولون أن اجراءات القبول غير قادرة على التنبؤ فعلا لبناء "مجتمع صالح" وقد يعود ذلك لعدم استعداد القرى الجماهيرية بالتخلي عن صلاحياتها.
بالرغم من تهرب القرى الجماهيرية من مناقشة اجراءات القبول قانونيا في المحكمة، اعتقدتُ أن ساعة الحسم والتي ستأتي بعد خبرة وتجربة اكتُسبت على مدار عشرون عاماً ، ستؤدي إلى اتخاذ قرار قانوني يقر بإيقاف هذا الحال وانه حان الأوان لإيقاف لعبة القط والفأر هذه، ظننتُ أن المحكمة ستقول "كفى!".
في شهر أيلول عام 2014، بعد عقدين من بدأ مشاركتي في مناقشات عن موضوع لجان القبول، صدر قرار المحكمة ضد قانون لجان القبول ولكن تم رفض الاستئناف بحجة "عدم نضوجه".
ماذا بالإمكان فعله الآن؟ ما هي وجهة النزاع القانوني بعد قرار المحكمة؟
على ضوء كل ما ذكرته اعلاه، أقترح ترك موضوع لجان القبول. أعتقد أن ليس هناك جدوة في الاستمرار في المواجهات القانونية – على الأقل المبدئية – ضد إجراءات القبول للقرى الجماهيرية. ما تم إنجازه قد تم وما لم يتحقق على الأرجح لن يتحقق.
عرٍفوا "النضوج"
عند رفضها لقانون لجان القبول، قررت المحكمة أن في هذه المرحلة لا يمكن الادعاء بأن التعديل الذي تم على احد بنود اللجان الاشتراكية والذي ورد أيضا ضمن قوانين لجان القبول، غير قانوني. خمسة قضاة (برئاسة الرئيس آشير جرونيس وبمشاركة القضاة مريم ناؤور، أمنون روبنشتاين، حنان ميلتزر واستير حيوت) ادعوا انه لم يحن الأوان لحسم الالتماس لأنه لم يُطبق على حالات فردية.لذلك، لا يمكن معرفة كيفية تطبيق القانون على أرض الواقع وهل سيؤدي فعلاً إلى نتيجة تمييزية أو غير مقبولة. في الأخير اكتفوا هؤلاء القضاة بصياغة حظر فرضته المحكمة على لجنة القبول وقد جاء هذا الحظر في قانونيمنع التمييز في اجراءات قبول مرشح لقرية جماهيرية لأسباب محظورة (تشمل السن أو الجنس أو الدين أو الجنسية). بالنسبة لهؤلاء القضاة، هذا الحظر يدل على مواجهة القانون التمييز لأسباب محظورة وهذا يكفي لمواجهة الخوف من التمييز، إلا إذا اثبت تطبيق القانون على أرض الواقع عكس ذلك.
في المقابل قضاة الأقلية (سليم جبران، إدنا أربيل ويورام دانزيجر) اعتقدوا أن لا يجب تأجيل الالتماس على حجة "عدم نضوجه" وقد يعود ذلك الى معرفة وخبرة تراكمت على مدار سنين على خلفيةالالتماسات السابقة التي قُدمت إلى المحكمة العليا والتي تتعلق بكيفية عمل لجان القبول على أرض الواقع. واعترفت قضاة الاقلية بقدرة لجان القبول على تغطية قرارها الذي يسبب الى التمييز على أشكاله المختلفة.انضم القاضي نيل هندل لثلاثة قضاة الأقلية الذين رفضوا القانون بسبب ميزاته، وقد اعتقد هندل أن وحده موضوع تكوين لجنة القبول- ناضج كفاية لأخذ القرار وأن تكوين لجنة القبول غير قانوني بسبب تفاقم عدد الممثلين فيه من سكان القرية.
قضية النضج والتي "تزداد نضوجا" أمام أعيننا في السنوات الأخيرة، تعززت وارتبطت مع اشكالية قانونية- تشكل عبء ثقيل نسبيا على من يرغب في الادعاء ضد قضية النضج أو ضد قواعدها الشرعية حيث أن قضية النضج توجب معارضيها على تقديم الاثباتات والأدلة القانونية.
كما أن هناك ادعاءات تختلف في شدتها عن التمييز العلني وعن طرق عمل التمييز الخفي (بالرغم من التحظير السائد في القانون). تتعامل المحكمة أيضا مع الحق في الخصوصية وتكرر القوانين المتعلقة في واجب المساواة في تخصيص الأراضي في إسرائيل وتبدي المحكمة عن قلقها اتجاه قضايا قانونية مختلفة من ضمنها عدم وجود معايير واضحة توجه لجان القبول التي تعمل في طرق ملتوية لفحص الملائمة الاجتماعية لدى المرشحين من أجل قبولهم للسكن في القرية.
وماذا بخصوص الحراك ضد إجراءات القبول في القرى الجماهيرية؟ما هي الخطوات التي يجب اتخاذها الان؟حيث أن قرار المحكمة قد ترك بابا مفتوحا لاجراء المزيد من النقاشات فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل هذا هو السبيل الذي يجب اتخاذه للتحرك وأود أن أثير مسألة هامة :أليس وصلنا إلى مرحلة يستحسن فيها ترك النزاع القانوني ضد إجراءات لجان القبول والاكتفاء في علاج حالات فردية من الإقصاء والرفض؟ إنني أطرح هذا السؤال على خلفية ما وصفته اعلاه تطرقاً للعقدين الماضيين. ومن المهم في هذه المرحلة إعادة تقييم هذا النزاع،فحص احتمالات نجاحه ومدى استمراريته وفحص ميزاته القانونية والاجتماعية في اطار الجهود لمكافحة الاستبعاد المكاني مع الأخذ في عين الاعتبار محدودية الموارد القائمة.
هل تملك بيتا؟ من يقر ذلك؟
يقول القاضي جبران ويعبر في ذلك عن وجهة نظر الأقلية: "يحاول شخص ما السكن في قرية صغيرة … ومن أجل ذلك يجب عليه اللجوء الى لجنة قبول وإقناع غرباء أنه يستحق أن يعيش معهم ويُطلب منه عرض نواياه، عاداته، ذوقه وأفكاره.يختبرون ويفحصون مؤهلاته التعليمية، ماضيه، مصدر رزقه، مؤهلاته وقدراته المهنية.من ناحية أخرى ترى في بعض الأحيان أن معظم أعضاء لجنة القبول وهم مواطنين عاديين ، يتخذون قرارات على أساس رأيهم الشخصي لأسباب غير واضحة بالنسبة لحق المرشح في العيش معهم".
ليس علينا إلا أن نتأمل للحظة الافتراض الأولي:"إن المرشح يطلب المسكن … ومن أجل ذلك يتطلب منه أن يقف أمام لجنة قبول"والتي ستقرر بدورها "هل يستحق أن يعيش معهم". منذ الأزل أذهلني هذا الشيء. فرد أو مجموعة تقرر على حق الآخر في العيش معهم في قرية يتفق الجميع على أنها تفتقد قيم التعاون وأنه لا يصح وصفها بقرية صغيرة وحميمة.
ولم يعد يُذكر المفهوم ضمناً- من هو الشخص الذي يحسم القرار في موضوع القبول للقرية؟ هل هو فلان الذي يسكنها حالياً أم فلان الذي قد حصل على حقه في السكن في القرية مباشرة من قبل الدولة (من خلال "جولة تخصيص الأراضي الأولى") أو فلان الذي تم قبوله للسكن في القرية من خلال لجنة قبول ويدير الآن سياسة التعويق على الآخر.
من فترة طويلة، مسألة تخصيص الأراضي ليست جزءا من النقاش الحكومي حول قوانين لجنة القبول1. منذ نقلنا صلاحية النقد الى إجراءات القبولومنذ دققنا في تفاصيل الإجراءات يبدو وكأننا نسينا سؤال مهم – من حصل على ماذا، ممن، متى وبأي ظروف – ولماذا التخصيص المسبق يعطيه الآن الحق في استبعاد الآخرين.ركزت القضايا القانونية على المواضيع التالية: تكوين لجنة القبول، كيفية إبلاغ المرشح عن رفض طلبه للسكن في القرية، موعد تقديم الإجابة،موعد تقديم الاستئناف وركزت المحكمة على موضوع صلاحيات لجنة التحقيق وعن حق المرشح في تلقي أسباب الرفض من قبل المعهد الذي يجري امتحانات القبول وباختصار- من كثرة الإجراءات المعقدة لم نعد نلحظ الموضوع الأساسي.
من المهم أن نتذكر بداية القصة- تعمل لجان القبول في عشرات القرى الجماهيرية وفي المئات من مشاريع توسيع الامكان السكنية في القرى الزراعية (كيبوتسات وقرى صغيرة). خلال السنوات الماضية، السيطرة على لجان القبول في القرى الجماهيرية كانت بأيدي المؤسسين وفي التوسعات الزراعية السيطرة كانت بأيدي النائبين عن المجلس الإقليمي للكيبوتس أو الموشاف. تجدر الإشارة إلى أن الأراضي قد أعطيت لتلك المجموعتين من دون مناقصة وبفضل دعم جمهوري كثيف الذي عبر عن المصلحة العامة للاستيطان الريفي/ الزراعي في أماكن مهمشة (بريفيريا) والتي كانت في الماضي تعتبر أماكن مفضلة (وتعتبر كذلك حتى اليوم بين مختلف المجموعات).من ناحية ديموغرافية، نتحدث غالبا عن مجموعات سكانية قوية نسبيا2لكن مهما كانت وجهة نظرنا بشأن السكن في الأماكن الزراعية والريفية، ليس هناك أي مبرر لمواصلة أولئك الذين حصلوا على الارض في "جولة التخصيص الأولى"(وأحيانا حتى قبل عقود لأسباب واعتبارات ليس هنا المكان المناسب لمناقشتها)، استغلالهم لهذه الميزة التي اكتسبوها في حين أراضي مجاورة لأماكن سكنهم قد أصبحت أماكن سكنية مفتوحة لكافة المواطنين. حسب اعتقادي يجب أن نفتح النقاش في لجنة القبول من هذه النقطة. هذه هي مسألة شبيهة لمسألة أخرى وردت في قرار المحكمة العليا بشأن المجموعة الديمقراطية الشرقية بالنسبة لملكية هذه الأرض. لكن بينما مسألة المجموعة الديموقراطية كانت تتعلق بموضوع التخصيص الأولي، حقوق ملكية الأراضي، الزراعة وما الى ذلك، لب النقاش القانوني فيما يتعلق بالقرى الجماهيرية ولجان القبول اختفى بسرعة.
ألعاب القط والفار
وُصفت محاولة تحدي قوانين لجان القبول في القرى الجماهيرية – "وقوع بفخ مميت".مرارا وتكرارا عاد بالضبط نفس السيناريو: تم رفض طلب مرشح للسكن في القرية، قدم المرشح طلب نيابة عنه للسلطةحتى وصول الأمر إلى مراجعة قانونية، حيث رُفعت شكاوى ضد إجراءات القبول وهكذا بدأ تعديل بعض الاجراءات الصارمة وعلى ما يبدو تم إصلاحها فيما بعد. من جهة أخرى المرشح الذي قدم طلب قبول بشكل منفرد قد تم قبوله عادة للقرية وادعت الدولة أن هذه الإجراءات المعدلة ستؤدي إلى تصليح الفشل الذي حدث في الماضي فقد تم حل الموضوع الشخصي وبالتالي ثمة من يقول أنه ليس هناك داعي لعقد جلسة نقاش في موضوع إجراءات القبول وقد طلبت الدولة أن تعطى للسلطات الفرصة والوقت المتاح لدراسة الإجراءات المعدلة وقد تجاوبت المحكمة مع هذا الطلب وهلم جرا.
في كل مرة كشف عن "خلل جديد" في الإجراءات المعدلة استغلت القرى هذه الوضعية للقيام بإحدى الإجراءات المحظورة وفي كل مرة من هذه المرات حاولت الدولة أن تحل الخلل. ولأنها تعتبر منهج اداري، تم تغيير هذه الإجراءات دون نقد جماهيري ودون مشاركة الجمهور وقد جاء الأمر إلى المحكمة في وقت لاحق بعد استبعاد المرشح بفضل الإجراءات المعدلة.
نقل الموضوع إلى التعديل القانوني كان من المفروض أن يغير مجرى الأمور. التشريع هو عملية مفتوحة حيث يتم عقد جلسة علنية مع اللجان، هناك تتم مناقشات عامة أمام الجمهور وجلسات عقد علنية بمشاركة ممثلين عن مختلف المنظمات والمؤسسات. جرت محاولات "لتليين" القانون، وعبر النائب عن المستشار القضائي الحكومي عن رأيه في القانون وصياغته. انما لا يجب أن تعلق الآمال بتشريع القانون وبأنه سيمكننا من نقد أعمال لجان القبول بشكل ناجع. وقد ورد تلميح لذلك قبل اتخاذ قرارمحكمة العدل العليا حيث الخطوات لتنفيذ القانون كانت بطيئة وهكذا على سبيل المثال، لم تتكون لجنة تحقيق الا حتى شهر تشرين الثاني 2014 – أكثر من ثلاث سنوات بعد دخول القانون الى حيز التنفيذ. هكذا مرت ثلاث سنوات أخرى دون رقابة حقيقية على القرى.
ومع ذلك، فإن الخلل في قرار المحكمة يتبع موضوع اخر – متوقع:هو الفجوة بين النص القانوني الرسمي وتطبيقه على أرض الواقع. هذه الفجوة تكبر بسبب علاقات القوى بين القرى والمرشحين وهم عبارة عن لاعبين لمرة واحدةعلى ضوء الاختلافات في المعلومات بين الطرفين وعوامل شخصية واجتماعية أخرى تؤثر على حياتنا في الواقع بعيد عن المحيط القانوني.
لذلك أعتقد أنه من المتوقع أن محاولة الإثبات أن لجان القبول تعمل بشكل تمييزي وتعسفي وتؤدي لضرر بالغ في الخصوصية ، ستفشل وهذا بالرغم من مواصلة لجان القبول العمل في هذا السبيل، كما اعتادت عليه في الماضي.
مهم الذكر أن بعض المرشحين لا يصلون اطلاقا الى لجنة القبول. كيف ذلك؟ من خلال علاج حالات فردية على مدى السنوات ورد أنه في الكثير من الأحيان، قبل انعقاد لجنة القبول الرسمية، كان يجري في القرية "إجراء أولي"، حيث كانوا يقومون المرشحين باتصال أولي مع نائب القرية من أجل فحص الاجراءات وقد كانت هذه الإجراءات الاولية بمثابة وسيط بين المرشح واللجنة.
الباحثان عدي نير بنياميني وتال جنور قاما بإجراء مقابلات مع أشخاص أرادوا أن يرشحوا انفسهم للقرى الجماهيرية. وجد الباحثان أنه "على الرغم من الناحية القانونية التي تلزم اتخاذ قرار القبول أو رفضه في اطار لجنة القبول المحلية فقط قد اجريت على أرض الواقع محادثات غير رسمية مع البعض من المرشحين".
أولاهذه المحادثات الغير الرسمية بعيدة عن الأنظار، ولا ينطبق عليها أي إجراء قانوني لكنها تعيق على القلب وتشكل استخدام سيء لصلاحيات القرى الجماهيرية. في كثير من الأحيان يحسم مصير الطلب في هذه المرحلة حين يتلقى مقدم الطلب رسالة رفض تخبره أنه من الأفضل ان لا يقدم طلب. هكذا كان الحال قبل تشريع قانون لجنة القبول، كما ورد في بحث ومقابلات نير وغانور.
ثانيا، تتبع القرى "سياسة التجميد" في إجراءات القبول. تجربة الحياة تعلمنا أنه ليس هناك سوى عدد قليل من الذين رفضوا للقبول الى القرية الجماهيرية يتجرؤون باتخاذ خطوات ضد قرار رفضهم. وقد طرحت هذه المسألة في المحكمة و نالت الانتباه من قبل القضاة. نظرت قضاة الاقلية الى ذلك كسبب كافي لعدم تطبيق مبدأ النضج ، في حين أن قضاة الأغلبية لم تقتنع بذلك. كشخص الذي تولى رعاية العديد من مثل هذه الحالات، لا محال من تكرار أمور ذكرت في مقالي، تلقت تعزيزات مستمرة: معظم المرشحين المرفوضين يتلقون قرار الرفض بصدمة. الشعور الأول الذي ينتابهم هو أنهم غير صالحين وأن فيهم خلل ما.
لدى الكثير من المرشحين يشكل هذا الرفض اهانة كبرى. معظمهم يعبرون عن غضبهم وعن احباطهم من خلال التعبير عن حاجتهم "للبدء بنزاع قانوني" لكن يجب التنويه انه ليس بمقدور أي مرشح المبادرة في نزاع حيث معظم المرشحون لا يتقنون هذا المجال ولا يظنون بأنهم بحاجة لمحامي او لأية استشارة قانونية فعليهم بذل جهداً لمعرفة تفاصيل رفض طلبهم للسكن في القرية.على أي حال، غالباً، قراءة اسباب الرفض السلبية تكفي لتضاعف المشاعر القاسية لدى المرشح المرفوض ويتطلب منه الاجابة على ادعاءات عدة مثل كونه- "انفرادي"، "منطوي"، "غير ملتزم"، "غير هادي"، "موجود في علاقة زوجية معقدة" والمزيد من الادعاءات من قبل معاهد القبول. الغالبية العظمى من المرشحين لا تملك القوة لذلك.
ثالثا، يجب التطرق الى البعد الزمني لفهم آثار القانون حيث يفترض أن محاولات فحص كيفية تنفيذ القانون على أرض الواقع ستستمر على مدى فترة طويلة. ان الاجراءات القانونية ضد قرار الرفض تستغرق وقتا طويلا حيث يجب انتظار قرار لجنة القبول، العثور على استشارة أو تمثيل قانوني، التوجه الى معهد لتلقي التقرير الذي يشمل قرار الرفض وتحضير لجنة تحقيق إدارية.لا يتم الكشف عن التحقيق خلال فترة وجيزة كذلك الأمر بما يخص تقديم الاستئناف للمحكمة المحلية، ناهيك عن المحكمة العليا. ستمر سنوات عديدة حتى نتمكن من الحصول على معلومات وتفاصيل موثوقة تخص إجراءات واسعة النطاق تقوم بها القرى الجماهيرية وهكذا ستواصل القرى عملها دون أن نعرف ما يحدث على أرض الواقع.
رابعا، هناك صعوبة حقيقية للتعامل مع ادعاء "عدم الملائمة" لوحده. تستند لجان القبول في أسباب رفضها على نتائج امتحانات المعاهد (والتي فيها عدة الاشكاليات ) وتحاول لجان القبول تجنب تعابير التي ممكن أن تعتبر تمييز محظور. كيف يتعامل المرشح مع هذا الاستنتاج؟ احدى الاحتمالات هي تقديم اعتراض لقرار لجنه القبول التي تكلف المرشح باهظا (دعونا لا ننسى أن المرشح يدفع مبلغا مقابل الاختبار الذي أيضا أدى الى رفضه).بالإضافة إلى ذلك، فإن الغموض الكبير حول موضوع الملائمة الاجتماعية يصعب على محاربتها الا في حالات قصوى كما وسيكون من الصعب جمع المعلومات على ما يحدث في لجان التحقيق. في الحالات التي يصل بها المرشح الى لجنة التحقيق وتتقبل فيها اللجنة ادعاءاته وتأمر بقبوله للقرية – يمكننا أن نفترض أن عامة الناس لن يسمعون عن ذلك.
في هذه الحالات على الأرجح أيضا أن القضية لن تصل للاستئناف في المحكمة المحلية (من قبل القرية) إلا في حالات نادرة. انه اجراء تحقيقي اداري، محمي بموجب قوانين الخصوصية وسوف تكون هناك حاجة لبذل جهد خاص لجمع المعلومات من اللجان المختلفة وتحليلها واستخلاص النتائج حول طرق تنفيذ البنود المنصوص عليها في القانون. الأمر نفسه ينطبق على الاستئنافات في المحاكم المحلية وفي المحكمة العليا. إذا رفضت لجنة التحقيق اعتراضات مقدم الطلب، من حقه أن يقدم الاستئناف في المحكمة المحلية (بصفتها محكمة القضاء الإداري) ويجوز استئناف هذا القرار أمام المحكمة العليا. من الصعب تقدير عدد المرشحين الذي سوف يتم وصولهم الى هذه المرحلة من الاستئناف، وكيف ستعكس الاستئنافات على الأحداث "هناك" ، على مستوى القرية او اللجنة.
كل هذه الأسباب تؤدي بي إلى الاستنتاج أنه سيكون من الصعب جدا، إن لم يكن من المستحيل، مراقبة تنفيذ القانون والاشارة إلى المشاكل الكامنة فيه. وبالتالي فعلينا أن نطرح السؤال التالي – هل هناك جدوة في كل هذا العناء؟
النضال بطرق أخرى
كما هو الحال مع جميع النزاعات التي تمتد على مدار سنين، في مرحلة ما يجب اعادة تقييم أهداف النزاع القانوني، الانجازات الفعلية، الاستنتاجات والخسائر. جئت إلى الاعتقاد بأنه يجب ترك المحاولات الادارية للقضاء على وجود لجان اختيار في القرى الجماهيرية. هذا يعتبر استنتاج قاسي لمن كانت منتسبة للقضية من عقدين. ولكن اعتقاداتي تأخذ أيضا في الحسبان الإنجازات الى جانب محدودية الأدوات التي لدينا كقضاةلمواصلة العمل القانوني-الاداري.
أولا، من المهم التطرق الى الإنجازات والحفاظ عليها أيضاحيث بإمكانك اليوم اقامة لجان قبول في قرى الجليل والنقب فقط وفي مناطق فيها حتى 400 أسر عائلية فقط.
ثانيا، بالرغم من الصعوبات المذكورة أعلاه، يتضمن القانون نصا يحظر من التمييز على أسس مختلفة وهذا يعتبر تغيير كبير عما كان الحال في الماضي.
ثالثا، بالرغم من ضعف الإدارة وكما ذكر اعلاه، من المستحسن أن نأمل بأن الاطراف المهنية المتواجدة داخل السلطات ستقدم سياسة صالحة تشمل ما هو مسموح وما هو محظور في إطار لجان القبول.
يكفي حتى هنا سرد الإنجازات ومع ذلك ونظرا للقيود الكثيرة المذكورة اعلاه في اقامة رقابة ناجعة على لجان القبول، أعتقد أنه حان الوقت لترك الحراك المنهجي ضد إجراءات لجان القبول في القرى الجماهيرية. يبدو لي أنه لا يوجد مبرر استراتيجي لتحويل الموارد لمشاريع تهدف إلى القضاء على لجان القبول في القرى الجماهيرية وفي التوسعات السكانية وذلك بالرغم من عدم تغير موقفي بشأن شرعية قوانينهن، أخلاقياتهن وقدرتهن على خلق مجتمع صحي من خلال اجراءات القبول وتصفية المرشحين.
حسب رأيي المحكمة قد استنفدت قدرتها على إلغاء آلية عمل لجان القبول، عند استلام قرار المحكمة وتوجيه الملتمسين لدراسة التنفيذ العملي سيكون من الصعب للغاية إن لم يكن من المستحيل، محاربة شرعية لجان القبول.محاولات المحكمة والتي دامت سنين كثيرة في إقناع الجميع بحظر وجود لجان القبول، بائت بالفشل حيث لم تقتنع الغالبية في المحكمة العليا. بعد سنوات من الحالات المتكررة وصلت إلى الاستنتاج أن الحل بالنسبة لعمل لجان القبول لنيأتي من المحكمة نظرا إلى وجود وثائق، ابحاث، مطبوعات ، شهادات،مقالات وتقارير.
من الناحية العملية انه من الواضح أن الأقليات والفئات الضعيفة ستتضرر طالما استمرت لجان القبول في سياستها هذهولكن يجب ان لا ننسى أن الحديث هو عن فئة صغيرة ضمن هذه المجموعات ذو خصائص اجتماعية واقتصادية متميزة.
فيما يتعلق بالسكان العرب، النضال من أجل الاندماج في قرى جماهيرية كان مبدئي وأكثر رمزية وأقل تأثيرا فعليا واسع النطاق حيث أن القليل من العرب في إسرائيل يحلمون العيش في قرية جماهيرية. ومن الواضح أن هذا لا يقلل من أهمية التمييز المؤلمة التي يمر بها هؤلاء الأفراد العرب الذين يرفضون للقبول الى القرى الجماهيرية بسبب سياسة التمييز.
ويمكن الوصول إلى استنتاج مماثل من خلال القاء النظر على فئة من المرشحين اليهود يسعون للقبول الى القرى الجماهيرية بالرغم من أن الامور هناك أقل قسوة. بالنسبة لأسر من مجدال هعيمق، العفولة وكريات شمونة أو من كريات جات – الانتقال الى قرية جماهيرية مجاورة سيؤدي بالتأكيد الى تحسن وضعهم من ناحية اقتصادية واجتماعية ويدل هذا على وجود حراك اجتماعي واضح والتقدم نحو تحقيق الحلم الإسرائيلي للسكن في مكان ريفي مع بيت وحديقة.
مع ذلك وإلى حد كبير هذه الخطوة رمزية فقط وتفتقر تأثيرات بعيدة المدى حيث معظم السكان في إسرائيل، يسكنون في أماكن مدنية.
أي شخص يتابع الأحداث في القرى الجماهيرة (وخصوصا في الكيبوتسات) لا يمكن أن لا يذهل أمام الخلافات والنزاعات والقضايا التي تجري فيها. على ما يبدو تفشل عمليات القبول الصارمة في خلق الانسجام بين السكان وهذا أمر غير مفاجئ وذلك أمر خطير لا سيما في العلاقة بين الكيبوتسات والتوسعات السكانية حيث هناك انقسامات عميقة،تعكس الصعوبات الهائلة في خلق تماسك اجتماعي، على الرغم من وجود التصفيات وامتحانات معاهد القبول. وبالتالي فإن قرار المحكمة بالنسبة لمشروعية لجان القبول هو فرصة لإعادة التفكير في دور اللجان في تعزيز حقوق الإنسان والعدالة في جميع أنحاء البلاد. أنا اقترح: اتركوا سكان القرى الجماهيرية لتصفية أنفسهم حتى ما لا نهاية.النضال من أجل المساواة والعدالة – سائد في البلاد على كل حال.
• البروفيسور نيتا زيف هي عضو في كلية الحقوق في جامعة تل أبيب وادارت حتى الآونة الاخيرة البرامج للهيئة التدريسية. وهي أيضا عضو مجلس إدارة جمعية "معك" – محامون من أجل العدالة الاجتماعية. تستند هذه المعلومات على مقالة نشرت في مجلة "الكاتيدرا" لحقوق الانسان على اسم اميل زولا، "المحكمة في الشبكة الالكترونية: حقوق الانسان: ومضات اضاءة"، نوفمبر 2014. لقراءة المقال كاملا اضغط هنا
*
بشراكة مع "كلنا"، مبادرة من أجل مجتمع عادل وتعددي